تعتبر رئاسة مجلس الوزراء، الوصية على أجهزة الرقابة في الدولة اللبنانية والتي تشمل ​المجلس التأديبي​، ​هيئة التفتيش المركزي​، ​ديوان المحاسبة​، ​مجلس الخدمة المدنية​، ما يعني أن المُراقَبْ والمُراقِبْ والمُحاسِبْ هو نفسه.

في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب تم انشاء هذه الأجهزة وربطت مباشرة برئاسة الوزراء في حينه لأن رئيس الجمهورية آنذاك كان يملك السلطة التنفيذية بمعاونة الوزراء، وبالتالي جاء ربطها برئاسة الحكومة كونها لا تملك السلطة التنفيذية. وهنا يشرح أمين سر الهيئة الوطنية لحماية الدستور والقانون المحامي الدكتور ​عادل يمين​ أن "هذا الربط برئاسة الحكومة تم يومها تحاشياً للتأثير الكبير المحتمل للسلطة الإجرائية على الهيئات الرقابية فيما لو ربطت ب​رئاسة الجمهورية​، وبالتالي كان الهدف أن تربط بالجهات الأقل تأثيراً عليها".

بعد وضع إتفاق الطائف أصبح رئيس الجمهورية رئيساً للدولة ولم يعد هو من يتولى السلطة التنفيذية التي أصبحت مناطة بمجلس الوزراء مجتمعا ويشكّل رئيس الحكومة ركناً أساسياً فيها. من هنا وبحسب يمين فإن "استمرار ربط الهيئات الرقابية برئاسة الوزراء لم يعد جائزاً بسبب التبدّل الكبير في النظام الدستوري وحصر السلطة التنفيذية برئاسة الحكومة، وبات من الواجب ربطها برئاسة الجمهورية كون رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، وهو الذي يسهر على حماية القوانين بحسب المادة 49 من الدستور ولا يمارس السلطة التنفيذية مباشرةً". ولكن وفي نفس الوقت يلفت الخبير القانوني ​أنطوان صفير​ عبر "النشرة" الى أن "هذه الخطوة لها علاقة بقدرة رئيس الجمهورية على الإشراف على عمل الادارات العامة، والموضوع يتعلّق بصياغة جديدة للقوانين لوضع سلطة وصاية جديدة على المؤسسات"، مضيفاً: "حالياً كل المؤسسات العامة تتبع لرئاسة مجلس الوزراء بإعتبار أنها السلطة التنفيذية ورئيس الوزراء وحده يستطيع أن يسائل اي مسؤول في الادارات العامة كونه تابعا له مباشرةً".

"الهيئات الرقابيّة في العالم المتحضّر تكون مرتبطة بمجلس النواب أو برئيس الجمهورية مباشرةً بإعتبار أن الحكومة هي الجهة التي يفترض أن تكون موضع الرقابة من قبل تلك الهيئات سواء على المستوى الوزاري أو على مستوى الموظفين إذ لا يعقل أن تكون هي الخصم والحكم في آن". هذا ما يؤكده المحامي يمين، لافتاً الى أن "الكلام عن أن تكون رئاسة الجمهورية هي المشرفة على الهيئات الرقابية لا يعني جعلها ملحقة بالرئاسة أو جعل الرئيس صاحب سلطة الأمر عليها، ولن تكون تابعة أو خاضعة له بل أن تكون الرئاسة مشرفة عليها، يعني أن يكون للرئيس الحق بالاشراف بالقوانين على الهيئات من خلال مأسسة رئاسة الجمهوية"، مشيراً الى أن "كل ما نحتاجه هو تعديل بسيط في القوانين لأن الهيئات الرقابيّة ربطت بالقوانين برئاسة مجلس الوزراء ويجب إجراء تعديل بسيط فيها لربطها برئاسة الجمهورية". أما الخبير صفير فيرى أن "القيام بهذه الخطوة يحتاج أولا الى مشروع قانون يعدّه وزير العدل سليم جريصاتي يرفع بعدها الى رئاسة الحكومة التي يجب أن تتبناه وتحيله الى مجلس النواب ليقره ويصبح بعدها نافذاً".

يرى أنطوان صفير أن "مثل هذه الخطوة تعتبر جيّدة في إطار التفكير بالإصلاح العام الاداري وليكون هناك في نفس الوقت تعدّد في مراكز الاشراف أو الرقابة في الادارات العامة". بدوره المحامي يمين يشير الى أن "ارتباط الهيئات الرقابية برئاسة الجمهورية يحرّرها من أي احراج أو تضارب مصالح بين مجلس الوزراء والهيئات الرقابية لأن الرئيس هو فوق العمل التنفيذي".

في معرض الكلام عن هذه الفكرة نسأل: "هل سيتقدّم وزير العدل سليم جريصاتي بمشروع قانون الى الحكومة حول هذه المسألة فيحولها من مناشدة الى أمر واقع، لتبدأ معها رحلة إستعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية التي إنتزعت مع إتفاق الطائف؟!".