يمرّ ​مخيم عين الحلوة​ منذ فترة بما لم يمرّ به سابقاً، هو الذي لطالما عرف بوجود الخلايا النائمة فيه والتي يمكن أن تفجّر الوضع في لبنان برمته، ها هو يشهد على موجة مختلفة، إذ قام بعض المطلوبين ومنهم عناصر الإرهابي ​أحمد الأسير​ بتسليم أنفسهم الى مخابرات الجيش.

هذه الموجة شهدت على تسليم أبرز العناصر أنفسهم، وآخرهم نجل كتائب عبدالله عزام توقيف طه إضافة الى آخرين قاموا سابقاً بهذه الخطوة، ومنهم شقيق المطلوب ​فضل شاكر​ محمد عبد الرحمن شمندور، ما يطرح علامات استفهام حول توقيت وأسباب هذه الأحداث.

في الفترة الأخيرة، عمدت "داعش" وغيرها من الجماعات الأصولية والإرهابية الى تعزيز حضورها وتكثيف نشاطها في عين الحلوة والإستيلاء على بعض الأحياء في المخيم وعلى أطرافه بهدف السيطرة عليه بكامله. هذا الموضوع استنفر القوى الفلسطينية الموجودة في المخيم والسلطة اللبنانية اللتين تعاونتا من أجل منع "داعش" وأخواتها من تحقيق هدفهم. هذا ما يراه المحلل السياسي ​طوني عيسى​، معتبراً أنّ "هناك قراراً دوليًا يمنع إستيلاء داعش على أي منطقة لبنانية، كما يُحرم عليها وضع يدها على أي مخيم في لبنان". بدوره، يؤكد المحلل السياسي سركيس أبو زيد أن "تسليم المطلوبين أنفسهم في مخيم عين الحلوة جاء نتيجة اتفاقات بين الاجهزة الأمنية والاطراف الفاعلة في المخيم لتفويت الفرصة على تفجير الوضع هناك".

وللقوى الفلسطينية الموجودة في مخيم عين الحلوة دور كبير في مجال تسليم المطلوبين لأنفسهم. فبحسب عيسى، "تقدّمت هذه القوى بمعلومات تفصيلية الى السلطة اللبنانية لطمأنتها على الصعيد الأمني وتخفيف العبء عن المخيم، يضاف الى ذلك الاصرار اللبناني الذي ساهم وبغطاء دولي في عدم وقوع المخيم بيد تلك الجماعات". هذا ما يؤكده أبو زيد أيضاً، لافتاً الى أن "بعض الجهات الأصولية كانت تتحضّر للمشاركة في عمليات تخريبية داخل عين الحلوة ولكنها رأت أن لا أفق لما تقوم به، ومن هنا كان التعاون بين القوى الفاعلة في المخيم والأجهزة الأمنية لإيجاد حل لهذا الموضوع".

يلفت عيسى الى أن "المشهد في مخيم عين الحلوة يوحي وكأنه كان هناك خياران لا ثالث لهما فإما أن يسلم المطلوبون أنفسهم الى السلطة اللبنانية ليقوموا بعد ذلك بكشف ما يجري في داخل المخيم أو أن يسلموا أنفسهم لينجوا بأنفسهم لأنهم أدركوا أن محاولة السيطرة على عين الحلوة أحبطت". ولكنّ أبو زيد يرفض استخدام تعبير "التسوية" أو "الصفقة" لتوصيف ما يحصل، بل يحصره بـ"مجموعة عوامل ساهمت في انضاج طبخة معينة أدت الى تسليم المطلوبين لأنفسهم".

في المحصلة، مسلسل تسليم المطلوبين لأنفسهم في مخيم عين الحلوة مستمر في ظل تساؤلات عن مضمون "التسوية" إن وُجِدت، والتي أدت الى هذه النتيجة؟!