رجّح رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق ​وديع الخازن​ أن يكون تأخير تشكيل الحكومة "مرتبطا بالإستحقاق الإنتخابي النيابي والقانون الإنتخابي الذي يُعتَبَر ممرًا إلزاميًا إليه"، لافتا الى ان "ذلك لا يعني أن يكون القانون الإنتخابي سابقًا لتشكيل الحكومة العتيدة، بل متفاهَمًا عليه كمخرج للتخلّص من أي تفكير بالعودة إلى قانون الستين، ولو معدّلاً، باعتبار أنّه لا يلبي، بحسب خطاب القسَم الرئاسي في جلسة إنتخاب الرئيس ميشال عون، طموحات العهد بعدالة التمثيل، أي المناصفة الحقيقية والإتيان بوجوه غير مُرتَهَنة للمحادل، بل أن تخرق فئة شبابية متحمّسة للعمل والإنتاج لوائح ملوك الإنتخابات وتبعياتهم، والتي بإمكانها أن تضخ زخمًا جديدًا في دورة الحياة الديمقراطية".

واعتبر الخازن في حديث لـ"النشرة" أنّه "من الخطأ ربط المعوقات التي تحول دون تشكيل الحكومة بأحداث حلب وتدمر في سوريا، كون هذه الحكومة غير معمّرة، وأيامها لا تتجاوز الستة شهور للإشراف على إصدار مشروع قانون الإنتخاب من بين الطروحات الثمانية عشر المودعة لدى مجلس النواب وإحالته إلى المجلس النيابي لإبرامه أو إجراء التعديلات اللازمة عليه".

حكومة تكنوقراط؟

ورأى الخازن أن "أحدا من الأطراف لا يريد مزيدًا من التأخير في تشكيل الحكومة وإقرار قانون إنتخابي جديد وإجراء هذا الاستحقاق بمقتضاه، لأن أي تأخير ينعكس ضررًا على إنطلاقة العهد وعلى الأزمات المالية والإقتصادية والمعيشية الضاغطة على الأمان الداخلي والثقة الخارجية، التي إندفعت إلى المباركة يوم إنجاز الإستحقاق الرئاسي وبشخصية الرئيس العماد ميشال عون التي تتمتّع برصيد مفعم بتجارب الحكم يوم كان قائدًا للجيش ورئيسًا للحكومة العسكرية بعد إنتهاء ولاية الرئيس الأسبق الشيخ أمين الجميّل، وفي المرحلة الأخيرة التي أعقبت الأحداث المشؤومة لدى إستشهاد رفيق الحريري، حيث إستطاع أن يحصد حصيلة نضاله بالفوز بالأكثرية المسيحية الشعبية في الإنتخابات النيابية التي أسفرت عن أكبر ثاني كتلة نيابية في المجلس النيابي"، مذكرا بأن الرئيس عون "حدّد أن دور الحكومة العتيدة يقتصر على موضوعين أساسيين: إقرار قانون إنتخابي يؤمّن التمثيل الصحيح وإعادة تحريك عجلة المؤسسات بالدولة وإصلاح الخلل القائم في الخدمات التي تخص المواطن اللبناني، وخصوصًا المعيشية والإجتماعية الملحّة التي نخرها الفساد المستشري، فضلاً عن الإشراف على الإنتخابات النيابية في أيار 2017". وأضاف: "لا أعتقد أنّه يمكن الإقدام على مثل هذه الخطوات إلا باللجوء إلى حكومة تكنوقراط تتمتّع برصيد معنوي مشهود له في السمعة الطيّبة والنزاهة، بعدما رأينا أن التجاذبات السياسية بدأت تعطّل تأليف حكومة وطنية تتمثّل فيها كافة الأقطاب السياسية في البلاد".

حركة غير عادية

وردا على سؤال، شدّد الخازن على أهمية "إستحداث تغيير حقيقي بعد ربع قرن على "الغطيط" السياسي من خلال اقرار قانون جديد للانتخاب"، لافتا الى ان "الأمور تميل إلى قانون يغلب عليه طابع النسبية والدوائر الموسّعة لتأمين التمثيل الصحيح في المجلس النيابي العتيد، مع حكومة متّسعة بثلاثين وزيرًا لتغطية الأكثريات والأقليات". واضاف: "وإذا خُيّرت شخصيًا الإنتقاء ما بين ما هو مطروح حصرًا بين مشروعين متقاربين وسائر مشاريع القوانين للإنتخابات النيابية، فأرى أن قانون 13 دائرة في عهد حكومة نجيب ميقاتي ليست ببعيدة عن الطموحات النسبيّة والتغيير المطلوب". وقال: "يا حبّذا لو كان توجّه التشكيل الحكومي قد جاء في إطار حكومة مشهود لوزرائها بالخبرة الواسعة في طابع الوزارات المطلوبة، أي أقرب إلى البعد عن المصالح الإنتخابية والسياسية، فضلاً عن النهوض بأعباء المشكلات الأمنية والمالية والإقتصادية والمعيشية والإنمائية".

ورأى الخازن أن "ليس غريبًا أن يتوافد ممثلو الدول الغربية والإقليمية والعربية، بشكل ملفت، وخصوصًا الخليجية منها التي شكّلت إنعكاسًا سلبيًا على العلاقات اللبنانية بسبب الإنقسام حول أحداث المنطقة حتى وصلت إلى شبه مقاطعة"، مشيرا الى ان "التطورات المتسارعة في الفترة الأخيرة على هذا الصعيد، لا سيما وفق تفاهمات عليا بين روسيا وأميركا ودول مجاورة فاعلة "تحت الطاولة"، ونجاح النظام السوري في إسترداد العاصمة الإقتصادية حلب إلى كنف الدولة، ومناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك ​سلمان بن عبد العزيز​ بحل سياسي لحرب اليمن بعد زيارته للكويت، إنما تعكس تحوّلاً في فصل لبنان عن التفاعل الداخلي مع أحداث المنطقة". وخلص الخازن الى القول: "بهذا المعنى ثمّة حركة غير عادية لمدّ يد التعاون الخارجية والعربية والإقليمية إلى العهد الجديد تمهيدًا لإخراج لبنان من الدوامة التي شلّت البلاد".