لم تشبه عودة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الى الحكم في لبنان أي عودة، فالرجل وبعد أن عانى سنوات من "الخيبات السياسية" جعل من إستلامه السلطة مقروناً بتحجيم كل معارضيه، فبعد الرسالة التي وجهها لرئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة عبر تعيين عماد كريديه مديراً عاماً لأوجيرو بديلاً عن عبد المنعم يوسف المحسوب على السنيورة، صوّب سهامه هذه المرّة بإتجاه وزير العدل السابق ​أشرف ريفي​ عبر إصدار وزارة الداخلية قراراً يقضي بتخفيض عدد مرافقي الأخير من ستين عنصراً الى حوالي العشرين مع نقل الرائد المسؤول عن حماية ريفي محمد الرفاعي.

وفي هذا الإطار تشير مصادر بتيار "المستقبل" تعليقاً على قرار الداخلية عبر "النشرة" الى أن "عدد عناصر الحماية التابع للوزير السابق ريفي "مضخّم" وهو يفوق الأعداد التي تفصل لرئيس جمهورية أو حكومة سابقين، وبالتالي هو أكبر بكثير من الذي يحق له ولو أنه وبحسب ما يعتبر هو عرضة لإستهدافات أمنية بسبب مواقفه السياسية، إلا أن تخفيض عدد العناصر لا يخفف من حمايته الأمنية"، شارحةً أنه "حتى المقربين من تيار "المستقبل" والحلفاء لا يملكون هذا العدد من العناصر ومنهم رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الذي لا يصل عدد العناصر المسؤولين عن حمايته الى الستين وكذلك وزير التربية مروان حمادة والذي أصلاً تعرّض لمحاولة إغتيال سابقة وهو مهدّد أمنياً، فلماذا الوزير السابق ريفي يريد هذا العدد الكبير؟!. في حين ترى مصادر مطلعة على أجواء اللواء ريفي أن "هذا القرار أتى في سياق مجموعة من الخطوات التي وصفتها "بالكيديّة" والتي مورست بحقه ومنها قضية توقيف مرافقه عمر البحر والمضايقات التي يتعرّض لها مناصروه في طرابلس وحالياً نقل الرائد محمد الرفاعي"، واصفةً قرار تخفيض العناصر "بالإغتيال السياسي لأشرف ريفي والذي يهدف الى كشفه ويهدد بإغتياله أمنياً، ومن اتخذوا هذا القرار يتحملون مسؤوليته".

لم ينسَ الحريري بعد طعم الكأس المرّة التي ذاقها في الإنتخابات البلدية الأخيرة على اثر تشكيل ريفي لائحة فازت على اللائحة الأخرى التي كان يدعمها في طرابلس، ولم يكتف ريفي بهذا القدر من الاعتراض بل أكمل مشوار "التحدي"، ووصل لحدّ تغريده على حسابه الخاص على مواقع التواصل يوم أعلن الحريري تأييده ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة بالقول "ولّى زمن الإستخفاف بعقول الناس وكرامتهم، وإن غدا لناظره قريب"... هنا تختصر مصادر "المستقبل" المشهد بالقول "نحن أمام سعد الحريري المختلف عن ذاك الذي شهدناه في السابق"، لافتةً الى أن "رئيس الحكومة لم يعد مستعداً لأن يقدّم هدايا مجانية لأحد خصوصاً وأنه كان من أكثر المتساهلين مع المحيطين به وله على كل من هم حوله، وقد أوصل البعض منهم الى أماكن بارزة في حين أن هناك بعض الأشخاص لم يبادلوه مواقفه"، مشيرةً الى أنه "في اللعبة السياسيّة لا جديد في أسلوبه سوى أنه جديد على عائلة الحريري المعروف عنهم أنهم لا يقطعون "شعرة معاوية" مع أحد".

في المقابل تؤكد المصادر المطلعة على أجواء ريفي أن "لا أحد يحجّمه"، واصفةً القرار "بالمعيب فهم يستنسخون ممارسات النظام الأمني السوري في السابق ويمارسونها اليوم بحق شخص معيّن"، ومؤكدةً في نفس الوقت أن "ريفي باقٍ على ثوابته ولن يسمح لأحد أن يلهيه عن مواجهة النفوذ الإيراني ولن يضيّع البوصلة مهما مارسوا من "الكيديّة" واعتمدوا سياسات التضييق"، خاتمةً بالقول "لكل من أرادها معركةً فأهلاً وسهلاً والإحتكام سيكون في النهاية للناس".

بعد وصوله الى رئاسة الحكومة أطلق الحريري "معركة" تحجيم معارضيه وأبرزهم أشرف ريفي، فهل ينجح في إستعادة شارعه "وزعامته السياسية" بعد سلسلة الإنكسارات التي مني بها سابقاً؟!