عام 2016 لا يشبه غيره من السنوات التي سبقته، من حيث التحولات في المشهد السياسي، لا سيما خلال العقد الأخير، بعد أن شهدت الساحة اللبنانية الكثير من المد والجذر الذي توج بانتخاب رئيس لجمهورية بعد أكثر من عامين على الفراغ.

إنها سنة المفاجآت بكل ما للكلمة من معنى، وبالتالي عام 2016 هو عام تأثّر لبنان بوضع الانتصارات والانجازات والتأسيس للتحول الكبير عام 2017 والتصدي للارهاب، حيث نحن بأمان بفضل الدماء الطاهرة التي قدمها الجيش والمقاومة على مذبح الدفاع عن الوطن، أما على مستوى مجلس النواب فبقي خاضعاً لمعادلة الاشتباك السياسي، التي أدت الى تعطيله سابقاً، على قاعدة الخلاف على أولويات التشريع في ظل الشغور الرئاسي.

في الجانب الأمني كانت سنة الانجازات بامتياز، خاصة في تطبيق الحرب الاستباقيه على الارهاب، حيث تم الكشف عن العشرات من الشبكات الارهابية، مع انجازين أمنيين كبيرين: توقيف أمير تنظيم "داعش" الإرهابي في عين الحلوة، والعملية النوعية التي قامت بها مخابرات للجيش اللبناني في بلدة عرسال.

بالعودة إلى أبرز الأحداث السياسية، كان تبني رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وأيضاً دعم رئيس الحكومة سعد الحريري هذا الترشيح، حيث بعد ذلك تم انتخاب عون رئيساً في نهاية شهر تشرين الأول، وتكليف الحريري بتشكيل الحكومة في 3 تشرين الثاني، وتشكيل الحكومة في 8 كانون الأول، كما عقدت أول جلسة حكومية في 21 كانون أول، في حين نالت هذه الحكومة الثقة في 28 كانون الأول.

على هذا الأساس، نكون قد أقفلنا الصفحة الأخيرة من العام 2016، بكل ما عاناه المواطن فيها من أزمات وبكل ما تركته من هواجس في نفوس اللبنانيين، آملين أن يحمل العام 2017 النصر والفرح والإنجارات السياسية الكبرى، وكذلك وضع حد وحلول لهموم الشعب، الذي يحمل في جعبته امالا جسام وطموحات كثيرة.

الأمنيات لا تنتهي ولكننا نأمل أن تنتهي الحروب المشتعلة في سوريا، ويعود هذا الشعب الى وطنه آمناً وكله كرامة، وأن يعم السلام الشامل والعادل على لبنان والوطن العربي. أمنيات كثيرة وأحلام كبيرة برسم العام 2017، نتمنى من الله أن تكون سنة انجارات للحكومة اللبنانية ولرئيسها وتكون سنة حصانة للبنان من العدو الخارجي.

ونأمل في هذا العام أن يعود المغتربون الى ربوع الوطن، وأن تكون الطاقات والكفاءات الشبابية اللبنانية معززة ومكرمة في بلدها وليس في بلد آخر، وأن يكون الانسان محترم من قبل دولته، وأن تبقى الأجهزة الأمنية موحدة في ظل الخروقات لتكون صمام امان البلد والشعب، وألا يبقى مريضاً على أبواب المستشفيات ولا مشرداً على جوانب الطرقات، إلا أن الحلم الأكبر يبقى هو عودة العسكريين المخطوفين إلى حضن ذويهم سالمين معافين، بعد مرور وقت على معاناتهم وظلمهم وبعد كل هذه الحروب النفسية البشعة التي مُورست بحقهم وحق عائلاتهم.

السعي قدماً هو المطلوب والتطلع الى الامام غاية الغايات، والتعلم من أخطاء الماضي عهدة العاقل. لنأخذ العبر ولنبدأ بخطوات ثابتة صحيحة مما سبق ولنطلب من الحكومة أن تكون على قدر أهل العزم وعلى قدر أهل الثقة.