لا تخلو الحياة السياسيّة في لبنان من النكد ولو أحيانا على حساب المواطن اللبناني، الّذي لا يزال حتّى اليوم ينتظر حلولا لمشاكله الحياتيّة قبل أي شيء آخر، فهو يريد أن تنتظم الحياة السياسيّة في البلد ولكن ليس على حسابه لأن الساسة هم موظّفون في النهاية للخدمة العامة.

في هذا السياق، رأت مصادر سياسيّة لبنانيّة أن الرد غير المباشر من قبل بعض القوى، وبالتحديد من حلفاء "التيار الوطني الحر" الجدد، أي "​القوات اللبنانية​"، على تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول دور "حزب الله" في الدفاع عن جمهوره وأهله في الجنوب اللبناني بانتظار أن يصبح الجيش اللبناني قادرًا على القيام بهذه المهمة، يحمل في طيّاته بذور العودة الى سجالات من الماضي اثبتت الأحداث عقمها .

وتقول المصادر، انه لا يمكن للآخرين المزايدة على الرئيس عون في تقديره للجيش اللبناني وهو ابن هذه المؤسسة وخرج من رحمها، وتربى في كنفها، ويعرف اكثر من غيره قدراتها العسكرية، وعاصر العهود منذ دخوله في السلك العسكري، وخدم في الجنوب اللبناني وفي معظم المناطق اللبنانية.

ولفتت المصادر الى انه قبل ولادة "حزب الله" في العام 1982، لم يحصل أي جهد جدّي لا داخل النظام اللبناني، ولا من قبل الدول الصديقة لتقوية الجيش اللبناني ولتسليحه ليكون قادراً على مواجهة ​اسرائيل​ والدفاع عن لبنان وبالتحديد عن الجنوب وأرض الجنوب الذي كان عرضة للانتهاكات الإسرائيليّة جوا وارضا، حيث اجتاحته هذه القوات واحتلته لسنوات عدة .

وكانت الدول الغربيّة تحجم عن تقوية الجيش لسبب واحد واضح ومعروف لدى الجميع ويصب في الدفاع عن اسرائيل وأمنها، ولم يكن هناك في حينه اي تخوف ممّا تدعيه هذه الدول بأن اي سلاح للجيش يمكن ان يقع في قبضة "حزب الله".

وتضيف المصادر الى أن الطبقة السياسية التي تعاقبت على حكم لبنان لم تفعل شيئاً لتسليح الجيش، بل أن البعض كان يعتقد أن قوة لبنان في ضعفه، وأن الدول الكبرى لن تسمح لإسرائيل بالاعتداء عليه .

لكن وبحسب المصادر نفسها، فإن تطور الأحداث اثبت عكس ذلك على الإطلاق وأدى الى ما وصلنا اليه اليوم من وجود قوة عسكريّة اسمها "حزب الله"، رغم ان قيادتها وعناصرها هم من الشيعة فقط.

وسألت المصادر عما فعلته الأصوات التي تكرر مقولة ان الجيش اللبناني هو وبحسب الدستور اللبناني المخوّل حمل السلاح والدفاع عن لبنان، وشاهدنا بالأمس القريب أحد النوّاب يحمل السلاح في بلدة القاع التي تعرضت لعمل ارهابي، وبالأمس البعيد هناك من حمل السلاح بهدف ضبط التصرفات الفلسطينيّة!.

ورأت المصادر كيف ان الرئيس السابق ميشال سليمان دخل هو ايضا على خط المزايدات وتحدّث عن "المعادلة الخشبية"، بدل أن يلاحق الوعود التي أعطيت للبنان بتسليح جيشه.

ونسي هؤلاء، بحسب المصادر، ان رئيس الجمهورية وهو الوحيد الذي اقسم اليمين على احترام الدستور والدفاع عن استقلاله واراضيه، أكد في نفس التصريح أن سلاح "حزب الله" لن يستعمل في الداخل اللبناني.

وشدّدت المصادر على أن التعامل بواقعية وبمسؤولية من قبل رئيس الدولة هو وحده الذي ينقذ لبنان، بدل وضع رأسنا في الرمال ونواصل ترداد شعارات لم تؤدِّ ومنذ سنوات عدة سوى الى زعزعة استقرار البلاد السياسي والامني.

ولم تنس المصادر التذكير بأن رئيس الجمهورية كان واضحا خلال الزيارات التي يقوم بها الى الدول العربيّة بشرحه للقادة العرب الذين التقاهم الواقع اللبناني كما هو لا ارضاء لأحد ولا للخصومة مع احد، بل كي يتفهم الجميع ما نحن فيه والمساعدة على النهوض بلبنان ليستعيد استقراره ودوره في محيطه العربي.

واشارت المصادر الى ان ملفّ تدخل "حزب الله" في الحرب السوريّة كان من المواضيع التي اثيرت خلال زيارات رئيس الجمهورية الى عدد من الدول العربية، وان العماد عون كان واضحا في ردّه بأن معظم دول العالم تدخلت في هذه الحرب، وان السلاح لن يحلّ المشكلة، ولا بدّ من حلٍّ سياسي لخروج الجميع من هذا الجحيم الذي بات يهدد أمن واستقرار دول المنطقة.

وخلصت المصادر الى الاعتقاد بأن خلفية رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون العسكريّة والسياسيّة تؤهله لطرح المواضيع بكل موضوعيّة وعقلانيّة للوصول بلبنان الى بر الأمان، وان كل ما قيل ويقال لا يمكن وضعه الا في خانة الضياع الذي تتخبط فيه بعض الجماعات اللبنانية.