حتى ولو وضع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الحديث الإسرائيلي عن "حرب لبنان الثالثة" باطار "التهويل"، الا أن تردّدات ما ورد في خطابه الأخير لا يزال يُسمع صداها في الداخل اللبناني كما في تل أبيب وعدد من العواصم العربية والغربية، نظرا للتصعيد الذي طبع المواقف التي أطلقها ودقة الأهداف التي حددها ما يوحي بترتيبات جديدة قام بها الحزب استعدادا لسيناريو حرب وشيكة لن تشبه ما سبقها.

وتضع القيادة الحزبيّة كل الاحتمالات أمامها على الطاولة، وهي وان كانت لا تعطي الكثير من الاحتمالات للحرب، الا انّها تتحضر لها وكأنّها حاصلة غدا، هذا ما تؤكد عليه مصادر مطّلعة على موقف حزب الله، لافتة الى أنّه ومع رئيس أميركي ك​دونالد ترامب​، يجب الاستعداد لأي مفاجأة وان كان الحزب يستبعد جهوزية ​اسرائيل​ أصلا لطرح خيار الحرب على لبنان على الادارة الأميركية الجديدة. ومن المؤشرات التي تصب في مسار الحرب، المشهد الميداني السوري الذي يميل وبوضوح الى المحور الذي ينتمي اليه الحزب، ما قد يدفع أعداءه لتحريك الجبهة الجنوبية وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، من منطلق أنّهم بذلك يدفعون الحزب للقتال على جبهة جديدة وبالتالي تقسيم قدراته وعناصره على جبهتين مشتعلتين، علما أن الحرب السورية أنهكته الى حد بعيد وان كانت زادت من خبراته بشكل غير مسبوق. ووفق المصادر أيضا، فان اسرائيل قد تعمد لشن حرب على لبنان تطال أيضا مراكز الحزب المكشوفة في سوريا ما سيشكل تحديا كبيرا عليه خصوصًا وأنّه لا يتوقع انخراط موسكو او حتى النظام السوري بمواجهة مباشرة مع سلاح الجو الاسرائيلي، للتخفيف من حجم خسائره، وان كان بدأ يتخذ الاحتياطات في هذا المجال.

أما العناصر التي قد تُبعد شبح الحرب عن لبنان، فأبرزها اطمئنان تل أبيب لوضع الجبهة مع لبنان والتي يسيطر عليها الهدوء منذ العام 2006 وبالتالي سعيها لاستمرار الأحوال هناك على ما هي عليه. أما العنصر الثاني فيكمن بوجهة النظر الاسرائيلية القائلة بأن حزب الله يُستنزف في سوريا وبالتالي لا لزوم للدخول بمواجهة معه ستكون تكاليفها باهظة جدا بعد توسيع السيد نصرالله من بنك أهدافه. وتشكل أيضا الاولويات الأميركية عنصرا آخر حاسما في هذا المجال، باعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية لا تضع الحزب على رأس سلم المواجهة المفتوحة التي أعلنها ترامب مع ​ايران​، بل الملف العراقي ومن بعده الملف السوري باشارة الى اعلان واشنطن سعيها لكفّ يد طهران عنهما والتصدي لتمددها في المنطقة.

واذا كان معارضون للحزب لا يستبعدون تلويح طهران بورقة الجبهة الجنوبية للبنان للرد على التهديدات الأميركية والاسرائيلية التي تعاظمت مع استلام ترامب للرئاسة الأميركية، وحتى استخدام هذه الورقة اذا اقتضت الضرورة، الا أنّهم يرجحون أن تقتصر مهمة الحزب وايران في هذه المرحلة على رفع الصوت والسقف لعلمهما بأن الظروف غير ناضجة لرد أميركي-اسرائيلي مباشر في الميدان.

ونظرا لتعدّد الاحتمالات والخيارات والسيناريوهات السابق ذكرها، يحرص حزب الله أكثر من أي وقت مضى على عدم الاستعانة بأي من العناصر والقيادات المولجة المواجهة على جبهة الجنوب اللبناني في الجبهات السورية المتعددة، فبحسب مصادره "لكل جبهة عديدها وعدّتها".