تخيّم موجة من التشاؤم على لقاءات قانون الانتخاب، وآخرها لقاء بيت الوسط الذي ضمّ رئيس الحكومة سعد الحريري، الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل، نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، ونادر الحريري.
لم يفلح اجتماع وادي أبو جميل المسائي في تذليل العقد. عقد كانت تتداعى بصورة مفاجئة تحت لافتة مطالب إصلاحية، وهي غير مرتبطة مباشرة بقانون الانتخاب. إذ تبادل باسيل وعدوان الأدوار. حاول الأول أن يأخذ صورة المحاور الهادئ، في حين أنه ترك المهمة التصعيدية لحليفه العدواني، الذي كان قد أعلن التمسك بالتعديل الدستوري لتأبيد المناصفة، في حين أنّ وزير الخارجية والمغتربين تنصل منها.
بالأمس، برزت عقدتان أساسيتان: الأولى تتصل بتثقيل الصوت التفضيلي طائفياً عند احتسابه بحيث لا يعتبر مرشحاً من لا ينال 40 في المئة من الأصوات التفضيلية لطائفته، وهو ما اعتبر محاولة التفاف للعودة إلى مشروع باسيل التأهيلي الطائفي.
الثانية: العودة إلى المطالبة بتخفيض عديد النواب إلى 108 (إذ نص اتفاق الطائف على أن يكون مجلس النواب مؤلفاً من 108 أعضاء 54 نائباً مسيحياً و54 نائباً مسلماً، ما يعني أنّ العودة إلى هذه الصيغة تقضي بالتخلي عن 20 نائباً) بعد أن جرت المطالبة من «ساكن الرابية» في الأيام الماضية، بمنح ستة مقاعد للمغتربين، علماً أنّ كلا المطلبين ليس وارداً على الإطلاق.
أما في ما يتعلّق بما يسمّى الضمانات السياسية العامة التي تتصل بالمناصفة أو اللامركزية فلم يمانع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب ما تؤكد مصادره لـ»البناء» من أن تحوّل إلى طاولة الحوار الوطني في القصر الجمهوري، لكي تتمّ مناقشتها بعد إقرار القانون وإجراء الانتخابات النيابية.
في المحصلة، هل ما يجري على صعيد تعقيد الشروط وتصعيبها، إنما مجرد إطار تفاوضي يوفر انسحاباً مقنعاً باتجاه العودة إلى إجراء الانتخابات وفق قانون الستين؟
في حقيقة الأمر، تتخوّف أوساط مطلعة من هذا الأمر، خاصة بالاستناد إلى ما يتمّ تداوله من نتائج انتخابية مترتبة على صيغة النسبية مع تقسيم لبنان 15 دائرة، وتحديداً في ما يتعلق بالساحة المسيحية، حيث تتوقع هذه التقديرات أن يُصاب التيار البرتقالي بنكسة كبيرة على صعيد عديد نوابه لصالح شخصيات مستقلة في الشارع المسيحي ولصالح عديد نواب حزب القوات. والثابت أنّ هذه التقديرات بدأت تثير تململاً واسعاً في أوساط «الوطني الحر»، وتطرح هواجس ومخاوف شتى من جراء ما وصلت إليه الأمور، بحسب ما تؤكد مصادر التيار العوني لـ»البناء».
في ضوء هذا المشهد، بدا رئيس مجلس النواب في لقاء الأربعاء حذراً تجاه ما يجري، مع ميل للتشاؤم، ودعوة الجميع للإسراع بإقرار قانون انتخاب جديد. قانون يجب أن يقرّ في البرلمان بمادة وحيدة.
يبقى أنّ الأجواء التفاؤلية التي يشيعها النائب القواتي بعد كلّ اجتماع انتخابي في غير محلها، إذ اعترضت سحابة سوداء لقاء بيت الوسط، جراء سياسة باسيل، التي وصفها مصدر مشارك في الاجتماعات، بالكيدية المتلطية بحقوق المسيحيين لمصالح شخصية. سياسة لم يعد حزب الله أو حركة أمل، بحسب المصدر نفسه، قادرين على استيعابها والتغاضي عنها…