أشار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الى إنّ "ما يجري في لبنان ليس مواجهات سياسية على أساس بناء دولة، بل مناكفات بعقلية جاهلية وقبلية تذكرنا بحروب "داحس والغبراء" وقيمها الجاهلية. فحروبهم داخلية في الزواريب على اساس المغانم الصغيرة وتنفيذ اجندة غريبة، وليس فيها مصالح وطنية".

وفي خطبة الجمعة، اعتبر الخطيب أن "المقاومة فحربها ليست داخلية، وانما تقوم على خلفية الحق والعدل وفي سبيل لبنان ومواجهة الاعتداءات والأطماع الصهيونية ونصرة قضايا الامة ومبادئها الكبرى، ولو على مستوى الالتزام، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".

ولفت ماكرون الى انه "هذه التجربة المريرة، لم يستطع العدو ان يحقق احلامه بالقضاء على المقاومة، ولكنه سجل نقطة خطيرة على الامة واستطاع خديعتها والاستقواء عليها واعطاء المعركة بُعداً مذهبياً قذراً، وبهذا فقد سجّل نقطة على الامة وليس على المقاومة. فلتكن استراحة محارب، ولنعطي لأنفسنا ولها المجال لإعادة الحسابات، وخصوصاً على المستوى الوطني، وإعادة التفكير في طريقة خوض هذه المعركة التي يقع في اولى اهتمامنا ان نربح انفسنا وامتنا. فماذا ينفع ان ربحنا معركة مع العدو ولم نربح انفسنا وامتنا وابناء وطننا".

ورأى أن "هناك التباس كبير يجب حلّه ويتوقف على تهدئة الساحة الداخلية سواءً على المستوى الوطني أو العربي أو الإسلامي.اما على المستوى الوطني كما يقال فليست المستأجرة كالثكلى، فنحن ام الصبي وقد دفعنا أثماناً غاليةً جداً وحملنا حملاً لا يحمله احد. كل ذلك من اجل لبنان، حمايةً له من عدو طامع يريد استخدام شعبه لتحقيق اهدافه في المنطقة. ولذلك فإن ما يهمنا هو حماية لبنان وشعبه بتنوعاته المختلفة التي يرتبط وجودها، بعضها بالبعض الاخر، واي واحد منها يتعرض وجوده للخطر فلن تكون المكوّنات الاخرى بمنأى عنه".

واعتبر ان "لا بد اولا من الحفاظ على لبنان ووحدته الداخلية كما سائر البلاد العربية والاسلامية التي هي اليوم في قلب الخطر. فالاولوية هي للحفاظ على هذا الوجود وسيتعزز مع الوقت عند الشعب اللبناني والامة هذا الشعور، لأن طبيعة العدو هي طبيعة عدوانية توسعية، وسيكتشف المخدوعون بالحماية الدولية ان لا حماية الا للعدو الصهيوني، وان الذين يعادون المقاومة قد نصبوا للبنانيين وابناء امتنا فخاً خطيراً ، وسيتخلون عنهم لحظة الحقيقة".

واكد الخطيب على "المهمة التي حملها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بقيادة الامام السيد موسى الصدر وسائر قادة المجلس مع سائر اللبنانيين المخلصين لوطنهم، الذين تابعوا مسيرته وحملوا معه وبعده مهمة بناء الدولة القوية العادلة دولة المواطنة، وسنكمل هذه المسيرة بإذن الله تعالى، ولن نتخلى عنها وان العملية ستكون سلة واحدة مع الاصلاح الذي سيكون مدخلاً الى حل موضوع السلاح. وأًكرّر هنا ان السلاح ليس مقدساً، بل كانت للسلاح غاية فُرضت على حامليه عندما احتل العدو أرضنا واستباح سماءنا وغابت الدولة التي يفترض أن تحمي أهلها وناسها. فنحن من يريد ان تتحمل الدولة مسؤولية حماية لبنان وشعبه من العدوان الإسرائيلي، وان يتحمل اللبنانيون جميعاً هذه المسؤولية التي أبت هذه القوى بناءها وتحمّل هذه المسؤولية، ونفضت يدها منها.. كان هذا موقفنا وسيبقى وعلى الاخرين ان يشاركونا هذه المسؤولية، وسوف نتابع هذا الموضوع بكل جدية الى جانب الاحرار من ابناء هذا البلد، وهذا متوقف على خلق الثقة عند المواطنين إنْ الدولة خطت الخطوات اللازمة والجدية التي تمكنها من ردع العدوان وتحقيق الامن والاستقرار".

وتابع :"ينبغي ان يكون هذا هو اول اولويات الحكومة المدرجة على جدول اعمالها لتسير الامور كما ينبغي، والا فإن الذين يحددون لها عنوان المرحلة بعنوان حكومة نزع السلاح، فإنهم يريدون لها ان تحقق اهداف العدو ليخلو له طريق احتلال لبنان وتمكينه من الحاق جنوبه بالجليل وزرعه بالبؤر الاستيطانية. فنحن من طالبنا بالدولة وتمكين الجيش الوطني من مواجهة العدو وحماية ارضه وشعبه وبناء الدولة القوية العادلة، دولة المواطنة، ولا بد من بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها ببناء القدرة الذاتية للجيش التي تمكّنه من ردع العدو، ووجود الارادة الحقيقية لدى الحكام والمسؤولين بذلك، لا مجرد وعود او الاكتفاء بالتعويل على المقررات الدولية التي طالما أطنّوا آذاننا بهذه المقولة السخيفة، فلم يمنعوا احتلالاً ولم يحرروا أرضا، وانما كان همهم الاول كيفية الانتصار على خصمهم الداخلي".

واكد الخطيب أن "لدينا ثقة بصدق رئيس الجمهورية ووطنيته في ما سمعناه، وارادته وسعيه لحفظ لبنان وسيادته، وقد قال إنني لا استطيع فعل ذلك وحدي، وأن يداً واحدةً لا تصفق. وانا أكرّر القول ان السلاح ليس مقدساً لدينا، ولكن المقدس هو كرامتنا التي ان لم تقم الدولة بحفظها ولن نفرط بها، وتطبيق القرار ١٧٠١ هو في جنوب الليطاني، وقد التزمنا واثبتت المقاومة التزامها بها الى حين انقضاء الستين يوماً رغم خرق العدو هذا الاتفاق بشكل فاضح، واعتدائه على الجيش اللبناني وقيامه بالتدمير الوحشي للقرى وعمليات القصف براً وجواً وقتل المواطنين، ولم تقم الدول التي ضمنت تطبيق الاتفاق والمشرفة عليه، الولايات المتحدة وفرنسا، بالايفاء بالتزاماتها وردع العدو عن الاستمرار بخرق وقف اطلاق النار وتطبيق الاتفاق".

واضاف :"نحن نعلم ان الجيش الوطني لديه الارادة والشجاعة في الدفاع عن حياض الوطن، ولكن الجيش اللبناني يحتاج الى وقت ليبني قدراته ويهيء عديده ليستطيع القيام بمهماته، لذلك فإن الامور يجب ان تسير وفق مسار منطقي وخطوة بخطوة كما ذكرنا، لتأخذ الدولة مهماتها في الدفاع عن الوطن. فالمقاومة بديل اضطراري وقد وجدت حين لم يكن هناك دولة، فلتُبنى الدولة لتقوم بمهمة الدفاع عن الوطن والشعب. ومع ذلك نكرر قناعتنا وثقتنا بفخامة الرئيس وبرؤيته ووعوده في بناء الدولة القوية العادلة".

واكد "اننا ما زلنا كما في كل الفترة السابقة على مواقفنا الى جانب المقاومة لم نغادرها، وخصوصاً في كل فترة العدوان منذ خمسة عشر شهراً، وبالأخص في العدوان البربري الوحشي في الخمس والستين يوماً حيث استشهد القادة من ابطال المقاومة، وكان امتحان للبنانيين للتمييز بين الصادقين والمزايدين، نطلق مواقفنا دون خوف او وجل. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً وصمد رجال المقاومة وقلبوا الموازين التي اختلت لبرهة قصيرة، ظنَّ بعض هؤلاء بالله الظنونا، وكان الله الى جانب المقاومين فأفشل على ايديهم اهداف العدو ولم يستطع تحقيق اي من أهدافه، لا في لبنان ولا في غزة، فما زالت للمقاومة، سواء في غزة او لبنان، بأسها الذي يحسب لها العدو الف حساب، ولو لم يكن لها هذا البأس لما اضطر مُرغماً على توقيع الاتفاق معها في لبنان الذي اتبعه بالرضوخ الى مطالب مقاومة اهل التضحيات والصبر في غزه الابطال، بالتوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار دون تحقيق اي من اهداف الحرب الهمجية والابادة التي اشعلها".