أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون، أنّه سيعمل على تنفيذ خطاب القسم لأن ما يحتاجه اللبنانيون هو أن يعيشوا بكرامتهم.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن "المناكفات وسياسة الزواريب الضيقة وتناتش الحصص"، معتبرا ان "كل الوزارات هي للبنان كما هو مجلس الوزراء"، لافتا الى "ضرورة ان تتمثل الطوائف فيه من خلال النخب التي لديها إستقلالية القرار".
كلام الرئيس عون جاء خلال لقائه في قصر بعبدا رئيس المجمع الأعلى للطائفة الانجيلية القس جو قصاب مهنئا بانتخابه رئيسا للجمهورية على رأس وفد.
وفي مستهل اللقاء، تحدث القس قصاب معربا عن الثقة "بأننا سنكون امام مرحلة جديدة في تاريخ لبنان.
وإذ أشار الى "ان الإنجيليين متعددون كما لبنان متعدد"، فإنه أوضح ان الطائفة الانجيلية كانت من الطوائف المؤسِّسة لهذا البلد، لافتا الى اول نواة للمجلس النيابي في العام 1920 بعد إعلان لبنان الكبير، والذي كان مؤلفا من 15 عضوا من مسيحيين ومسلمين، حيث كان الإنجيليون من بين الطوائف المسيحية الممثلة فيه عبر الرئيس ايوب تابت الذي اصبح رئيسا للجمهورية ومن ثم وزيرا.
وشدد على أنه منذ ذلك الوقت، كانت دعوة الكنيسة الإنجيلية ان تكون مساهمتها في لبنان من أنبل ما يمكن ان يكون في الدولة عبر الإهتمام بالإنسان. وقال: "هذه الرسالة تشبه مساهمتكم منذ كنتم في قيادة الجيش، القائمة على إعداد إنسان يبقى للبنان، بمعنى ان افعالكم في قيادة الجيش سبقت كلامكم في خطاب القسم".
وختم بالقول: "نحن من هذا المنطلق الى جانبكم في كل ما تصبون إليه من أجل لبنان".
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، وشاكرا لأعضائه تهنئتهم، وقال: "انتم تذكرون انكم كنائس متعددة وبالنسبة إلي انتم جميعا طائفة واحدة هي طائفة لبنان. وهذا ينطبق على المسيحيين والمسلمين في هذا الوطن الذي نحمل جميعا هويته الواحدة ونتفيأ بظل علمه الواحد"، مشيرا الى "ان الدين لله والوطن للجميع".
وأشار الرئيس عون إلى أن خطاب القسم كان توصيفا لواقع أليم وخارطة طريق لمواجهته، ولم أكن أتكلم في السياسة والعواطف، موضحا أن "ما يحتاجه اللبنانيون هو ان يعيش كل مواطن بكرامته ولا يقع فريسة العوز ولذلك سنعمل على تنفيذ ما ورد في خطاب القسم".
وبعد اللقاء، أدلى القس قصاب بالتصريح التالي للصحافيين: "فرحنا كسائر اللبنانيين بإنتخاب رئيس للجمهورية. وذكرنا لفخامته الآية الواردة في الكتاب المقدس، في سفر المزامير: من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا".
وأضاف: "نحن نشعر ان خطاب القسم كان معبِّرا تماما بعلو سقفه، عن طموحات اللبنانيين، وبعمقه، عن عمق آلامهم، لذلك نستبشر بهذه الرئاسة ان ننتقل لمرحلة جديدة تكون مرحلة الدولة والمؤسسات. الدولة التي ترعى شعبها بكامله، ليس كطوائف بل جميع".
واستقبل الرئيس عون وفدا من الرئيسات العامات والاقليميات للراهبات في لبنان، وجرى عرض للأوضاع التربوية والاجتماعية في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد.
واعربت الراهبات عن سرورهن لانتخاب الرئيس عون على رأس الجمهورية اللبنانية، واعتبرن ان هذا الانتخاب يعكس رجاء للبنان، وأكدن الوقوف الى جانبه والدعاء له بالتوفيق والنجاح لما فيه خير لبنان واللبنانيين.
وعرضت الراهبات المشاكل والصعوبات التي تواجه الرهبانيات في مختلف المناطق، على الصعد التربوية والاجتماعية والاستشفائية، وطالبن بتقديم الدولة المساعدة من اجل الاستمرار في خدمة الشباب والوطن، والوقوف في وجه كل التحديات، والايعاز لمن يلزم بتسوية المستحقات المتوجبة على الدولة، خصوصاً بالنسبة الى الاعتناء بالمرضى والمسنّين وذوي الاحتياجات الخاصة ورعايتهم.
ورحب الرئيس عون بالوفد شاكراً دعمه وصلاته. واعتبر ان الرسالة التي تقدمها الراهبات هي افضل عمل يمكن القيام به، خصوصاً في المناطق النائية المهملة من قبل الدولة وهي مناطق تستحق المتابعة والاهتمام. وشدد على أهمية المدارس في توعية الشباب من آفة المخدرات التي تدمر المجتمع، ومساعدة الاهل على التصدي لكل ما يفسد اخلاق الشباب واستغلال البعض للتكنولوجيا لزرع الفساد في نفوسهم.
وقال الرئيس عون: "ان لبنان يزخر بالطاقات البشرية، والتي يمكن استثمارها في لبنان بدل ان نخسر شبابنا لصالح دول أخرى"، ودعا الى تضافر الجهود من اجل النهوض بلبنان لانه بلد يستحق ان يعيش، وقال: "كفى لحروب الآخرين على ارضنا، ولنفكر بالمصلحة العامة لاعادة وطننا الى المكانة التي كان عليها في السابق".
والقت الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة ورئيسة مجلس الأمناء في المستشفى اللبناني الجعيتاوي الام ماري انطوانيت سعادة كلمة جاء فيها: "مع انتخابكم نفتتح مئوية جديدة للبنان الكبير، لبنان- الدولة، لبنان- الرسالة، وكلنا رجاء، مع سائر اللبنانيات واللبنانيين، بأنكم مصممون وقادرون على قيادة لبنان الى برّ الأمان والاستقرار والازدهار في وسط الاعصار الشرق- اوسطي الذي يعصف بمنطقتنا. كلنا رجاء في سنة "يوبيل الرجاء" التي افتتحت ايضاً قبيل انتخابكم رئيساً، فكنتم "علامة رجاء" اعطتها السماء لارضنا الحبيبة".
وختمت: "نقف معكم والى جانبكم بكل امكاناتنا وعهدنا معكم ان نستمر في الاستثمار في العلم كما جاء في خطاب قسمكم، وان نربي الأجيال على المواطنة الحقة الفاعلة والمسؤولة من اجل لبنان افضل لجميع أبنائه".
ثم انضمت السيدة الأولى نعمت عون الى اللقاء، وتبادلت مع الراهبات الحديث عن همومهن ومشاكلهن، وتحديداً في ما خص العوامل الإنسانية والاهتمام بالمسنين والمهمّشين، حيث أبدت السيدة عون تعاطفها مع الراهبات في هذا المجال، ورغبتها في التعاون معهن ومع كل المؤسسات الانسانية والاجتماعية الأخرى التي تهدف الى رعاية من لا معيل له. ولفتت الى انها في صدد درس بعض الخطوات والسبل التي من شأنها مساعدة هذه المؤسسات على الصمود والاستمرار في عملها وأهدافها، مشددة على قيمة الانسان ووجوب احترامها الى أي طبقة انتمى، فإنسانيته هي هويته ويجب بذل كل الجهود من اجل احترام هذه الإنسانية.
وشكرت الراهبات السيدة عون على اهتمامها ومشاركتهن همومهن، وعلى حرصها للاهتمام بالمعوزين والمهمّشين.
وفي ختام اللقاء، قدمت الراهبات الى اللبنانية الأولى ايقونة للعذراء.
هذا، والتقى رئيس الجمهورية جوزاف عون، في قصر بعبدا، رئيسة بعثة الصليب الأحمر الدولي في لبنان سيمون كازابيانكا إشليمان في زيارة وداعية لمناسبة إنتهاء مهمتها في لبنان وإنتقالها الى أثيوبيا. وقدمت خليفتها في رئاسة البعثة السيدة انييس دور، والمستشار السياسي للبعثة شوقي امين الدين.
وخلال اللقاء، شكر الرئيس عون رئيسة البعثة على الجهود التي بذلتها خلال وجودها في لبنان لا سيما في الظروف الصعبة التي مرت على البلاد، مقدرا التضحيات التي قدمها افراد البعثة تحقيقا لأهداف اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومهامها.
ورحب الرئيس عون بدور، متمنيا لها التوفيق في مهامها الجديدة.
وشرحت اشيلمان للرئيس عون العمل الذي قامت به البعثة خلال الأِشهر الأخيرة اثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، مؤكدة الاستعداد لمواصلة القيام بالمهام كاملة.
وبعد اللقاء صرحت اشيلمان للصحافيين فقالت: "اليوم، كان لنا شرف لقاء الرئيس جوزاف عون وتقديم الرئيسة الجديدة لبعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في البلاد، السيدة أنييس دور".
وأضافت: "خلال اجتماعنا، قدمنا لمحة عامة عن العمليات الإنسانية وأولويات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان: دعم السكان المتضررين من خلال الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، ومعالجة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا للنازحين أو المقيمين أو العائدين، مع تدخلات الإغاثة لزيادة الوصول إلى الخدمات الأساسية الحرجة.
بصفتنا منظمة إنسانية محايدة وغير متحيزة، فقد جددنا عرضنا للخدمات للعمل كوسيط محايد لعمليات الإفراج المستقبلية المحتملة".
وتابعت :"لا يزال لبنان يواجه تحديات إنسانية شديدة: لا يزال الآلاف نازحين، يكافحون من أجل الوصول إلى سبل عيشهم والخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والمأوى والمياه".
وكما ذكرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريك، "أنّ الحفاظ على وقف إطلاق النار أمر ضروري لعودة العائلات إلى قراها وإعادة بناء حياتها، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين".
وقالت: "إلى جانب الصليب الأحمر اللبناني وشركائنا، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر التزامها الثابت بمهمتها الإنسانية في لبنان، والتي تتمثل في تقديم الدعم الحيوي للمتضررين من النزاع والدعوة إلى حمايتهم وكرامتهم".
والتقى الرئيس عون الوزير السابق دميانوس قطار وعرض معه الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة.