على وقع إستمرار المواقف العربية الرافضة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن قطاع غزة وتهجير سكانها منها، يبرز الحديث عن الخطوات التي من الممكن أن تبادر إليها الدول العربية في هذا المجال، في ظل الإشارات المتكررة على أن هذه الدول سيكون لها، في الأيام المقبلة، مقترحاً مقابلاً، وهو ما عبّر عنه بشكل واضح الملك الأردني عبد الله الثاني بعد لقائه ترامب في البيت الأبيض.
في الأسابيع الماضية، كانت الأسئلة تنحصر بما قد تقدم عليه القاهرة وعمان، أو ما لديهما من أوراق قوة للمواجهة، على إعتبار أنهما المعنيين، بشكل مباشر، في الخطة الأميركية، نظراً إلى أن ترامب يعتبر أن عليهما إستقبال سكان غزة، قبل أن يبادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى إستفزاز المملكة العربية السعودية، من خلال دعوته إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضيها.
في هذا المجال، يبرز الإعلان عن التوجه إلى عقد إجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، عقب القمة العربية الطارئة المقررة في القاهرة في 27 شباط الحالي، بهدف التأكيد على ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية، بحسب ما كانت أعلنت وزارة الخارجية المصرية، لكن السؤال يبقى حول ملامح المقترح العربي المنتظر، الذي من المفترض أن يكون المقابل لطرح الرئيس الأميركي.
في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، بأن الملامح الأولية كان قد عبر عنها أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أول من أمس، من خلال دعوته حركة "حماس" إلى التنحي، إذا اقتضت المصلحة الفلسطينية ذلك، حيث تشير إلى أن غالبية الجهات العربية الفاعلة تحمل الحركة المسؤولية الأساسية عن الواقع الحالي، الذي بات خطره يتخطى قطاع غزة نحو دول عربية أخرى، بسبب عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من تشرين الأول من العام 2023، حيث يعتبرون أنها كانت السبب المباشر لما حصل.
من وجهة نظر هذه المصادر، يرى البعض أن هذا المقترح قد يكون مُرضياً، لكل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في حال وافقت عليه "حماس"، أو على الأقل يزيل الحجة التي يرفعها كل منهما، الأمر الذي يجنب المنطقة المخططات التي قد يذهبا إليها، وبالتالي على الحركة أن تبادر إلى التضحية، للحد من الخسائر، على إعتبار أنها تعرضت لهزيمة في الحرب، بعد العدوان الذي تلى "طوفان الأقصى".
في مقابل هذه الرؤية، ثمّة أسئلة حول ما إذا كان طرحاً واقعياً، لا سيما أن الجميع يدرك أن خطط ترامب نتانياهو أبعد من ذلك، بدليل أنها تشمل أيضاً الضفة الغربية، على وقع الرفض المستمر لحل الدولتين، بالتزامن مع السعي المتواصل لتغطية الخطوات التي تقوم بها تل أبيب في دول أخرى، كسوريا ولبنان، بعد أن كان الرئيس الاميركي قد تحدث مسبقاً عن خريطة إسرائيل التي يفكر دائماً في توسيعها.
بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، الموقف العربي، حتى الآن، لا يزال دون المستوى، كما كان عليه الحال طوال أشهر العدوان على قطاع غزة ولبنان، حيث لا يزال يعتمد على منطق المناورة، بسبب عدم القدرة على المواجهة، في حين يتعامل كل من ترامب ونتانياهو على قاعدة أن المنطقة دخلت عصراً جديداً، من الممكن خلاله تحقيق كل المشاريع السابقة، بعيداً عن كل ما كان يطرح من قبل الدول العربية، كحل الدولتين وعودة اللاجئين إلى أراضيهم.
في المحصلة، ترى هذه المصادر أن كل ما يجري اليوم، هو نتيجة مسار عام، بدأ منذ سنوات طويلة، شاركت فيه العديد من الدول العربية، بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو سيقود إلى المزيد من التنازلات، في المرحلة المقبلة، تحت عناوين مختلفة، وتضيف: "هذا الواقع لن ينحصر بالساحة الفلسطينية فقط، بل سينتقل إلى العديد من الساحات الأخرى".