رأى الخبير الاقتصادي والمصرفي ​نسيب غبريل​، أنّ "​مصرف لبنان​ لا يصرّ على تثبيت سعر الصّرف بالمعنى المجرّد، ولكن هو أخذ إجراءات ابتداءً من آذار 2023 لوقف تدهور سعر صرف ​الليرة اللبنانية​ وتحسّن سعرها، ولاستقرار سعر الصّرف على 89,500 ليرة للدّولار الأميركي".

وذكّر، في حديث لصحيفة "الدّيار"، بـ"أنّنا إذا عُدنا إلى أوائل العام 2023 وأواخر العام 2022، بدأ سعر صرف اللّيرة يتدهور بشكل سريع، لدرجة أنّه وصل إلى 141,000 ليرة لكلّ دولار في منتصف آذار 2023، وحينها أخذ مصرف لبنان قرارًا بمنع هذا التّدهور، وقال للحكومة إنّه لم يعد باستطاعته الإكمال بتغطية عجزها وبالتّالي تمويلها، وثانيًا سحب من السّوق كميّةً كبيرةً من اللّيرات اللّبنانيّة من خلال شرائها، للَجم المضاربات على سعر الصّرف والطّلب على الدّولار".

ولفت غبريل إلى أنّ "المصرف المركزي سحب في العام 2023، 22 تريليون ليرة، وبدأ منذ منتصف آذار تقريبًا يتحسّن سعر صرف اللّيرة تدريجيًّا، إلى أن وصل في آخر أسبوع من شهر تمّوز 2023 إلى 89500، وبقي على هذا المستوى لغاية اليوم، بالرّغم من كلّ الصّدمات الأمنيّة الّتي حصلت والجمود السّياسي، كحادثة الكحالة في صيف 2023 والمعارك في مخيم عين الحلوة، ومن ثمّ اندلاع حرب الإسناد في 8 تشرين الأوّل 2023، وطبعًا في أيلول 2024 توسُّع الحرب الإسرائيليّة على لبنان؛ وهذا كلّه حصل في جوّ شغور رئاسي وحكومة بحال تصريف أعمال".

وأوضح أنّ "مصرف لبنان عمل في هذه الأجواء، ونجح في الحفاظ على استقرار سعر الصّرف بالرّغم من كلّ هذه الأجواء والوضع الأمني"، مبيّنًا أنّ "استقرار سعر الصّرف لم يكن هدفًا بحدّ ذاته لمصرف لبنان، إنّما كان الهدف ربح الوقت إلى حين بدء العمليّة الإصلاحيّة، وثانيًا الوصول إلى إطلاق منصّة جديدة بالتّعاون مع شركة "بلومبرغ" الماليّة، يصبح من خلالها العرض والطّلب هما من يقرّران سعر الصرف".

كما أشار إلى أنّ "الإصلاحات لم تحصل، والمنصّة لم تُطلَق، إنّما استمرّ المصرف المركزي في الحفاظ على استقرار سعر الصّرف، ووصلنا إلى نقطة أصبحت فيها كلّ التّعاملات التّجاريّة على سعر 89,500. التّبادلات بين الأفراد والمحلات، كما البيانات الماليّة للشّركات والمؤسّسات الماليّة والمصارف، كلّها تُقدٌم على سعر 89500، كما أنّه يتمّ تحصيل إيرادات الخزينة كلّها على هذا السّعر، إن كانت ضرائب أو رسومًا؛ وأصبحت عمليًّا كلّ العجلة الاقتصاديّة تحصّل على قاعدة الصّرف 89500".

وشرح غبريل أنّ "اليوم لا توجد مصلحة بتغيير سعر الصّرف حاليًّا، قبل وضع الحكومة الجديدة لبرنامج إصلاحي متكامل، ومن ضمنه ​سياسة​ نقديّة جديدة، وحينها يقرّر ماذا سيحصل بالنّسبة إلى سعر الصّرف". وعمّا إذا كان مصرف لبنان سيتمكّن من الحفاظ على استقرار سعر الصّرف، اعتبر أنّ "المصرف قادر على الحفاظ على سعر الصّرف من خلال سياسته بسحب اللّيرة اللّبنانيّة من السّوق وتقليص حجم الكتلة النّقديّة".

وكشف عن أنّ "الكتلة النّقديّة باللّيرة اللّبنانيّة توازي اليوم تقريبًا 700 مليون دولار، مقابل 10 مليار و300 مليون دولار احتياطي سائل من العملات الأجنبيّة، أي أنّ كلّ الكتلة النّقديّة اللّبنانيّة الموجودة بالسّوق توازي تقريبًا 6% من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبيّة".