استفاق أهالي دلبتا ذات يوم على معمعة كبيرة، بعد إنتشار أخبار بيع تلّة الصليب إلى الامير السعودي مقرن بن عبد العزيز. فكرة لم يتقبلها أهالي القرية ولا حتى اللبنانيون بشكل عام وهم لم يتخيلوا أبداً أن هذه الارض ذات الرمزية الكبيرة ستكون ملكاً لأجنبي.
"قامت الدنيا ولم تقعد يومها لأن للتلة رمزية خاصةً تختلف عن الأراضي التي بيعت للخليجيين"، وفق ما تؤكده مصادر مطلعة لـ"النشرة". فالقضية لم تعد تثار إعلامياً ولكن المشكلة ما زالت هي هي ومصير تلك الأرض مجهول، حتى أن رئيس بلديتها نديم روفايل أكد لـ"النشرة" أن "المسألة ما زالت عالقة حتى اليوم.. ولا أحد يخبرنا شيئا". وتشير المصادر الى أن "الإجتماعات لا تزال مستمرة من أجل إيجاد حل لإستعادة هذه الارض"، متسائلة "من يدري اذا كان في دلبتا قطع ارض وضعها يشبه وضع الارض التي اشتراها الامير السعودي ولا أحد يعلم بها بعد". وترى المصادر أن "البحث جارٍ اليوم حول محورين: إمّا تأمين المبلغ المطلوب لإستعادة الأرض، أو أن يهبها الامير مقرن بن عبد العزيز الى الكنيسة المارونية"، وهذا ما نفته مصادر كنسية، قائلةً: "لا شيء من هذا القبيل!".
وتكشف المصادر أن "المبلغ الذي دفعه الامير مقرن لشراء الارض عن طريق سمسار ويدعى سماح غ من بلدة برمانا المتنية يصل الى 2 مليون دولار في حين أن المبلغ المسجل في الدوائر العقارية هو تقريباً 40 دولار في المتر أي ان ثمن الارض يصل الى 400 ألف دولار وهو أقل بكثير من القيمة الحقيقية".
قصّة مخفيّة؟!
مساحات شاسعة من الأراضي اللبنانية تباع، الواحدة تلو الأخرى، للأجانب، ولا سيما للخليجيين، رغم أن المساحة المحددة للأجانب في القانون هي 3% في كل قضاء، ومساحة الأرض المباعة لا يجب أن تتخطى الـ3000 متراً. وبعد أن تناولت "النشرة" في تقرير خاص موضوعبيع الأراضي في التعزانية، تنتقل اليوم إلى دلبتا حيث يؤكد رئيس البلدية نديم روفايل أن "البلديات لا تستطيع منع تلك العمليات أو أخذ العلم المسبق بها"، مشيراً إلى أن "الأرض التي يمتلكها الأمير مقرن مقسمة الى 4 قطع، بيعت كلها منذ العام 2005 ولم نعرف بعملية البيع الا مع صدور المرسوم في الجريدة الرسمية". وهذا ما يؤكده أيضاً مختار دلبتا الياس روفايل، ويضيف: "لا نعرف سبب بيع الارض ونسعى الى شرائها من جديد من الأمير السعودي".
دلبتا ستعرقل حتى استرداد الأرض
ويؤكد المختار "أننا أمّنا مبلغاً معيّنا سعياً لإعادة شراء الارض وتبلغ قيمته حوالي 400 الف دولار"، كاشفاً أن "التفاوض يتم على بيعنا المتر بـ300 دولار بينما هو يساوي 100 دولار، نظراً لما دفعه الأمير من مبلغ كبير". ويشدد على أن البلدية اتخذت قرارا بعدم إعطاء افادات لاجانب، قائلاً: "سنبقى نعرقل حتى استرداد الارض".
أما رئيس البلدية، فيشرح أن المجلس البلدي قد اتّخذ قراراً باستملاك تلك الارض، موضحاً أن "المسألة بيد وزارة الداخلية".
إلا أن مصادر "النشرة" تستبعد إمكانية أن تتمكن فعاليات القرية، من بلدية أو غيرها، من شراء الأرض ودفع 2 مليون دولار، لأن ذلك أكبر من إمكانياتها، وفعلياً أكبر من قيمة الأرض لأنه تدخل فيها أيضاً أرباح السمسار". وتشدد على انه، على أي حال، "المبلغ لم يؤمن حتى الساعة والحل غير موجود".
القانون هو السبب!
أما الكنيسة فتعتبر على لسان النائب البطريركي العام المطران كميل زيدان، أن "سبب بيع الاراضي بكميات كبيرة الى الأجانب هو القانون الذي بات قديماً وبحاجة الى تعديل خصوصاً بعد مرور سنوات عدّة على وضعه". وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح زيدان أن "القانون يعطي مهلة 5 سنوات للأجنبي ليشيد البناء و5 سنوات ليجدد. فمن يطبق القانون؟".
وفي هذا الإطار، تؤكد معلومات "النشرة" أن البحث جار على قدم وساق للتوصل إلى قانون جديد. وهنا، يشير عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب فريد الخازن إلى أن "قانون تملك الأجانب يبحث على نار حامية في لجنة الإدارة والعدل وسيحال في وقت قريب الى الهيئة العامة ونأمل اقراره بأسرع وقت ممكن".
من عاليه الى المتن وصولاً الى كسروان تستمر مسألة بيع الارض الى الاجانب والخليجيين دونما النظر حتى الى رمزية الارض كتلة الصليب... والحبل على الجرار....
تصوير حسين بيضون (الألبوم الكاملهنا)
للاطلاع على التقرير الأول ضمن سلسلة التقارير الخاصة بمواضيع بيع الأراضي، والذي تناول ملف التعزانية، اضغطهنا:
"عقارات بـ"الدزينة" تباع لغير اللبنانيين في التعزانية: فهل يصبح اللبناني غريبا في أرضه؟"