بعكس كلّ ما يُشاع عن أنّ المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى قرّر تمديد ولاية مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في آذار المقبل، لمدة عامين قابلة للتجديد، نظرا للظروف الاستثنائية التي تمرّ بها الدار والبلاد على حدّ سواء، تؤكد مصادر مقرّبة من دار الفتوى أنّ المفتي قرّر وبشكل نهائي الرحيل في أيلول المقبل وهو لن يقبل بالتمديد له.
لا شكّ أنّ للمفتي الذي انتُخِب في العام 1996 خلفا للمفتي الراحل الشيخ حسن خالد، ألف سبب وسبب لمغادرة منصبه وبهدوء بعد 18 عاما حافلا، ولعل أكثرها حفاوة الأعوام الـ3 الأخيرة بعدما ارتأى تيار المستقبل تفجير خلافه للعلن مع الرمز السني الأبرز في البلاد، هذا الخلاف الذي يستفيق اليه التيار الازرق بين الآونة والأخرى ويغض النظر عنه حين ينشغل بملفات أخرى أكثر حماوة.
لن يكون في آذار المقبل ملف أكثر حماوة من استحقاق انتخاب مفتي جديد للجمهورية بعد بلوغ قباني 72 عاما وهو العمر الذي يحيله الى التقاعد، اذ تتخوف المصادر من أن ينصرف المجلسان الشرعيان الحاليان كل منهما على حدى لانتخاب مفتٍ جديد فيكون للبلاد مفتيين للجمهورية، "ما يشكل سابقة خطيرة لم يشهدها لبنان من قبل".
"مفتيا الجمهورية" خيار مطروح تماما كخيار انسحاب الفراغ الذي يشل الدولة اللبنانية بأسرها الى دار الفتوى مع قرار المفتي رفض التمديد له، ويبقى الخيار الأخير، الخيار الطبيعي، حصول انتخابات تؤدي لاختيار مفتٍ واحد يتولى مهام قباني في أيلول المقبل.
وبالتزامن مع تعدّد الخيارات والسيناريوهات المطروحة، يتعدّد المرشحون للموقع المذكور، ومن أبرز الأسماء التي يتمّ تداولها لخلافة المفتي: رئيس المحكمة الشرعية عبد اللطيف دريان، القاضي الشرعي الشيخ أحمد درويش الكردي ومدير الأوقاف في دار الفتوى الشيخ هشام خليفة.
أما أسهم مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار وغيره من مفتيي المناطق فمعدومة، "لأن لا خيار آخر سوى انتخاب مفتٍ بيروتي"، كما تؤكد المصادر، لافتة الى ان تداول اسم الشعار من قبل تيار المستقبل أو غيره لا يندرج الا في اطار بازارات الاسماء التي تسبق أي استحقاق لبناني.
وحتى آذار المقبل، سيحاول المفتي قباني الاستمرار بادارة الامور "بالتي هي أحسن" فلا مواقف سياسية مفاجئة مرتقبة لا بل محاولات لاستيعاب الجميع.
وعن علاقة المفتي بحزب الله والتي تثير حفيظة "المستقبل"، تقول المصادر أن المفتي يتعاطى مع الحزب كما يتعاطى مع أي فصيل لبناني آخر، "فاذا طلب الحزب موعدا من المفتي سيجد ابواب الدار مفتوحة تماما كما اذا طلب المستقبل لقاءه... فلا شك أنّه لن يرفض اللقاء".
وتشير المصادر الى ان علاقة المفتي مع التيار الازرق "مقطوعة"، مذكرة بأن المستقبل هو من فتح النار على الدار وسيدها، مؤكدة أن ما صدر منه بعدها لم يكن الا باطار ردات الفعل على الهجوم والتحريض الذي لا يزال النائب فؤاد السنيورة "يتفنن بادارته".