قد يتفاجأ البعض من اللبنانيين عندما يسمع أن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون يرفض مقايضة حقيبة الطاقة أو الإتصالات بأيّ حقيبةٍ أخرى، حتى ولو كانت هذه الأخرى سيادية. لكنّ عنصر المفاجأة هذا يزول شيئاً فشيئاً عندما يستمع هذا البعض إلى وجهة نظر التكتل وأسبابه التي تدفعه الى التمسك بهاتين الحقيبتين.
فبالنسبة الى وزارة الداخلية والبلديات التي تعتبر من أبرز الوزارات السيادية، يقول نائب في تكتل "التغيير والإصلاح": "عرضت علينا في المرات السابقة ورفضناها، على إعتبار أنها كرة نار ملتهبة تحرق صاحبها لأسباب عدة، أولها الفلتان الأمني المستشري في لبنان منذ عشرات السنين، وثانيها وضع فرع المعلومات غير القانوني، وتبعيته السياسية لتيار سياسي لا لقيادة قوى الأمن، أما ثالثها فسوء الحالة الأمنية في الداخل خصوصاً بعد إندلاع الأزمة السورية، لذلك فأي إصلاح على صعيد هذه الوزارة سيصطدم بهذه الأسباب التي ذكرت أعلاه ونتيجته لن تكون إلا الفشل".
من الداخلية والبلديات الى المالية، ينتقل النائب البارز في التكتل، ليعتبر أن وزارة المال لطالما كانت مطلب الجنرال الأول في السنوات القليلة الماضية في الوقت الذي كان تيار المستقبل يرفض دخوله الى مغارتها، "أما وبعدما حصلنا على لجنة المال والموازنة وحققنا ما حققناه من تقارير عن الفساد والهدر في الحقبات الماضية، وبما أن هذه الوزارة في عجز دائم فلماذا خوض المعارك للحصول عليها أو إستبدالها بأخرى منتجة حتى لو كانت مصنفة سيادية؟ وهل يريد البعض إسناد هذه الحقيبة الينا كي يقولون فيما بعد إننا شاركنا في فسادها وهدر المال العام؟"
رفض تكتل "التغيير والإصلاح" لوزارة الخارجية والمغتربين يقرأه المتابعون لعملية التأليف على الشكل التالي: لم تكن الأزمة السورية أولويةً بالنسبة الى العماد عون ولن تكون كذلك في يوم من الأيام على إعتبار أنه لن يكون لاعباً أساسياً في الصراع الإقليمي السني-الشيعي ولو للحظة واحدة وبالتالي حصوله على هذه الحقيبة لتمثيل لبنان في المحافل الدولية والمؤتمرات التي تعقد لأجل الحرب السورية الدائرة، لن يقدم ولم يؤخر على صعيد معركته الإصلاحية في الداخل اللبناني، كما أن هذه الحقيبة قد تزيد من منسوب المشاكل بينه وبين حليف حليفه، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من ناحية لأن الأخير يريدها دائماً من حصته وهذا ما يريح "حزب الله" أيضاً، ومن ناحية أخرى لأن نفوذ بري الوظيفي داخل هذه الوزارة ضخم، وقد يخلق هذا النفوذ مشاكل عدة بين الوزير والموظفين.
أما بالنسبة الى حقيبة الدفاع، فيجمع المراقبون على أن العماد عون يثق كثيراً بالجيش اللبناني وبضباطه أياً يكن وزير الدفاع، وبالتالي هو يحظى بمحبة هؤلاء، كما أنه يحتل مكانة عالية بالنسبة الى المؤسسة العسكرية التي عايش الغالبية الساحقة من ضباطها خصوصاً الذين يحتلون مراكز مهمة في عدادها.
إذاً لكل هذه الأسباب مجتمعة، إضافة الى الإنتاجية الضخمة لوزارة الإتصالات ولأهميتها الأمنية، فالثروة النفطية والغازية التي جعلت من حقيبة الطاقة سوبّر وزارة، يرفض العماد عون كل العروض ويقتنع بأن سيادية الطاقة والإتصالات تفوق كل الحقائب الأخرى.