منذ ولادة صحيفة "النشرة" الإلكترونية، وضعت من ضمن أهدافها الدفاع عن المؤسسة العسكرية، وفي مسيرتها وقفت بوجه كل المتطاولين عليها في كل المراحل، لا سيما في الفترة الأخيرة، إنطلاقاً من أنها المؤسسة التي يؤمن جميع اللبنانيين بأنها الحامية لهم والضامنة لأمنهم.

لم تكن تتوقع "النشرة" أنها، خلال قيامها بواجبها الوطني هذا، ستتحول في يوم من الأيام بنظر القضاء اللبناني إلى "مجرمة"، بسبب الرسالة التي تؤديها، لكنها تحولت إلى ذلك بفعل قرار صادر عن ​محكمة المطبوعات​ بحق رئيس تحريرها ​جوزيف سمعان​، ولكن ذلك لن يغيّر من موقفها على الإطلاق.

وفي التفاصيل، قررت محكمة الإستئناف في بيروت الغرفة الثالثة عشرة، الناظرة بالدرجة الأولى في جميع القضايا المتعلقة بجرائم المطبوعات، والمؤلفة من الرئيس روكس رزق ومن المستشارين نوال صليبا ورولا عبدالله، بناء على إدعاء النيابة العامة الإستئنافية في بيروت بتاريخ 6-9- 2012، أن "النشرة" خالفت المادة 12 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/7، بسبب نشرها محضر المضبوطات في قضية مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد في الكويخات، من دون أن تنظر إلى الحملة الشرسة التي كانت تتعرض لها المؤسسة العسكرية خلال تلك الفترة، والتي كادت أن توقع البلاد في فتنة لا أحد يعرف إلى أين تصل.

وكيل سمعان المحامي ​أنطوان نصرالله​، كان قد أشار، خلال مطالعته في المحكمة، إلى أن محضر التحقيق عند نشره كان قد فقد طابعه السري بسبب نشره سابقاً على أكثر من وسيلة إعلامية، وأكد أن ما نشر لم يلحق الضرر بأي شخص، خصوصًا بعد سحب المقال عن الموقع باليوم ذاته، وبعد مرور أقل من 4 ساعات على نشره، إلا أن محكمة المطبوعات لم تهتم بكل ذلك، ورأت أن ما نُشر يعتبر من باب اشتراك سمعان في نشر وقائع التحقيقات الجنائية والجناحية قبل تلاوتها في جلسة علنية.

واعتبرت أنّ تذرّع وكيل سمعان بأن محضر التحقيق عند نشره كان قد فقد طابعه السري ليس من شأنه أن يغير الوصف الجرمي للفعل المنسوب الى سمعان، وبأن عدم ملاحقة الوسائل الاعلامية بسبب ما نشرته والتذرع بأن ما نشِر لم يُلحِق الضرر بأي شخص لا يلغي الوصف الجرمي للفعل المدعى به ولا يشكل سبباً يستبيح تبرير الفعل الذي ثبت بحق سمعان، وقررت إدانته وتغريمه مبلغ مليون ليرة لبنانية بعد منحه الأسباب المخفّفة.

وفي أول تعليق له، أوضح المحامي نصرالله أن الحكم لم يحافظ على الحريّة التي يصونها الدستور اللبناني، كون حرية المعلومة مصانة بحكم الدستور، كما أن المحكمة لم تأخذ بأمر رئيسي يتعلق بحسن نية "النشرة" التي كانت تدافع عن الجيش اللبناني بوجه الحملة الكبيرة التي شُنّت عليه.

وإستغرب المحامي نصرالله، في حديث لـ"النشرة"، عدم تنبه المحكمة إلى أن محضر المضبوطات كان قد نشر قبل عرضه على "النشرة" في أكثر من وسيلة إعلامية، معلناً أن هناك مشاورات من أجل تقديم تمييز ضمن المهلة القانونية المحددة.

في المحصلة، قررت محكمة المطبوعات أن تحول "النشرة" إلى مجرمة من وجهة نظرها، بسبب دفاعها عن المؤسسة العسكرية في أصعب الظروف، لكن "النشرة" تؤكد مرة جديدة أنها مستمرة في رسالتها دون أي تغيير مهما كان الثمن.