رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "إيران كانت في الأشهر الماضية في وضعية الهجوم في المنطقة، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن، وكذلك في لبنان، حيث يُترجم هذا الهجوم الإيراني من خلال تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أو عبر إيصال شخص موالٍ لها إلى سدّة الرئاسة"، مؤكدا أن "حليف إيران الاساسي في لبنان وهو "حزب الله" مع حلفائه الآخرين يعطّلون انتخابات رئاسة الجمهورية بهذه البساطة".
وأشار جعجع في حديث الى صحيفة "اليوم السابع" المصرية الى أن "الاستحقاق الرئاسي يمكن أن يحصل في أي لحظة اذا أوقف "حزب الله" وحلفاؤه مقاطعة جلسات الانتخاب"، مذكرا أنه "منذ اللحظة الأولى أبديتُ استعدادي الكامل للبحث عن اسم مرشح ثالث للرئاسة، ولكن للأسف "حزب الله" وفريقه ليسا على استعداد مطلقاً للبحث عن أى شيء اسمه مرشح ثالث، فلذلك لا جدوى من البحث، ولنفترض اليوم أنني قلت أني سأنسحب من المعركة الرئاسية فهذا لن يغيّر شيئاً فى التعطيل الحاصل للانتخابات الرئاسية".
ووصف جعجع الدولة اللبنانية في وضعها الحالي بأنها "دولة مجتزأة، فالدولة لا تقوم فعلياً في ظل غياب القرار الاستراتيجي او الأمني أو العسكري منها، ففي الوقت الحالي وخلال العشر سنوات الأخيرة ان القرار الأمني والعسكري والإستراتيجي ليس بيد الدولة، وبالتالي كيف ستقوم دولة قوية وفعلية والقرار ليس بداخلها"، مشيراً الى أن "هذه نطقة الخلاف الرئيسية والجوهرية بين فريقي 14 آذار و 8 آذار، ففريق 14 آذار يرى هذا الوضع وضعاً شاذاً ويجب الخروج منه إلى وضع الدولة الفعلية، بينما يرى فريق 8 آذار أن هذا الوضع مثالي ويجب البقاء عليه، بل تدعيمه أكثر فأكثر".
وعن تحضير وثيقة تفاهم بين الأزهر الشريف وحزب "القوات اللبنانية"، قال جعجع: "صراحة مع قيام الأزمات فى العالم العربي فى آخر خمس سنوات، تميّز الازهر الشريف بمواقف بطولية، فمثلاً اعلان الأزهر اذا نزعت عنه كلمة اعلان الأزهر وقدمته كنص إلى أي ليبيرالي فى العالم كله يستطيع تبنيه، ويقول هذا نص أنا أتبناه، وهذا ما دفعنا لمحاولة تعميق علاقتنا مع الازهر انطلاقاً من نظرته للأمور وثقله العميق والتاريخي، ومن رمزيته التاريخية والدينية من جهة، ومن جهة ثانية بسبب سرعته فى التطور وفي قراءة الأحداث وإيجاد المواقف المناسبة له."
واستبعد تعديل اتفاق الطائف في ظل هذه الأوضاع، قائلاً: "لا أجد عاقلاً يطرح فى الوقت الحاضر التلاعب أو التعديل باتفاق الطائف، من هنا اذا كنا أمام مشكلة صغيرة وهى إنتخاب رئيس جمهورية ونطرح لها تعديل اتفاق الطائف فسنصبح أمام مشكلة كبيرة جداً، وليس هذا هو المطلوب".
وتوقّع جعجع أن "يتوجه التحالف العربي إلى سوريا خلال الأشهر القادمة ولكن ليس قبل الانتهاء من الأزمة اليمنية، ومن هنا حلفاء إيران فى المنطقة يعارضون كلياً تدخل السعودية وحلفائها فى اليمن، لأن الخطوة الطبيعية الثانية هي التدخل فى سوريا، وبالتالي فإن كل ما بنته إيران خلال السنوات العشرة أو العشرين الماضية، سيقوم التحالف العربي بفكفكته فى العشرين شهراً المقبلين اذا استمر هذا التحالف العربي على ديناميكيته، فلو كان هذا التحالف قائماً منذ اللحظة الاولى لاندلاع الثورة السورية لما كنا وصلنا إلى هذه الحالة".
ورأى أن "مصر هي دولة مؤسسات بامتياز، فيذهب من يذهب ويأتي من يأتي لكن هناك مؤسسات قائمة، وهو ما يسمّى بالدولة العميقة، وهذه التسمية أحبها جداً، فهناك دولة عميقة موجودة بغض النظر عما يجري على السطح"، لافتا الى أنه "ليس هناك نظام كله سيء أو كله جيد، لكن المهم أن من يأتون من النظام السابق يأتون على أسس جديدة، فالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي هو من النظام السابق نسبياً لكنه أتى على أسس جديدة وتأقلم معها، وأعتقد أنه سيُبلي بلاءً حسناً، وبالتالي أعتقد أن المسألة هي مسألة وجود مؤسسات أو عدم وجود مؤسسات".
وعن تخوفه من تنامي دور التنظيمات الارهابية كداعش وسواها في العالم العربي، أجاب جعجع: "أتركوا التاريخ يلعب دوره، فالصراع الفعلي الدائر حالياً هو بين هذه الفطريات اي التنظيمات الارهابية والأكثريات المعتدلة، وما يلزمنا حالياً هي الحياة السياسية، ولنفترض مثلاً أننا أوقفنا الحرب فى سوريا وذهبنا إلى انتخابات فعلية ليس تحت ضعط السلاح سواء سلاح النظام أو داعش، هل تعتقد أن داعش والنصرة سيكون لهم الأكثرية؟ بالتأكيد لا. لدي إيمان عميق جداً أن هناك منطقاً واتجاهاً للتاريخ، وكل ما هو ليس مع منطق التاريخ سيسقط حتماً".
وعن قلقه على المسيحيين في الشرق الأوسط، قال:" لا أرى في كل ما يجري في الشرق الأوسط حرباً تستهدف المسيحيين مباشرةً، بل أنا أرى حرباً تستهدف فى كثير من الأماكن كل الأحرار وكل الذين يخالفون آراء الآخرين، واليوم اذا ما أجرينا استفتاءً بسيطاً في سوريا أو العراق أو غيرها لنرى أعداد المسلمين الذين قتلوا على يد داعش وغيرها من التنظيمات المسلحة سنجدهم أضعاف أعداد المسيحيين"، مشيرا الى أن "المعركة مختلفة وليست معركة استهداف بقدر ما هي معركة أيديولوجيا تطال المسلمين والمسيحيين سوياً. ولكن هذا لا يعني أنه ليس علينا جميعاً، أن نساعد المسيحيين أكثر من غيرهم، لأنهم فى كثير من هذه المجتمعات أقلية ولا يستطيعون المواجهة وحدهم، بينما المسلمون أكثريات وبالتالي يستطيعون تلقي الضربات، فالمسيحيون فى سوريا أو العراق لا يستطيعون تلقي ضربات من دون مساعدة لأنهم أقلية".
وتابع :"اذا كان المسيحيون سيبقون في هذا الشرق أم لا، باستثناء لبنان، فهذا الأمر يتعلق بطبيعة الأنظمة السياسية القادمة، اذا وصلنا إلى انظمة ومجتمعات ديمقراطية تعددية تسودها الحرية وحقوق الانسان، يبقى المسيحيون في الشرق بل يتطورون ويزدهرون. أما اذا عدنا إلى مجتمعات ديكتاتورية بشكل أو بآخر، سواء كانت ديكتاتورية علمانية أو دينية، فوجود المسيحيين في هذه الحالة مهدد بالخطر".
واعتبر جعجع أنه "لولا تدخل الائتلاف العربي في اليمن كنا رأينا في اليمن قلة تفرض رأيها على الأكثرية بقوة السلاح وليس بالانتخابات، فالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي جاء بانتخابات حصل فيها على 99% من الأصوات في نسبة اقتراع وصلت إلى 66%، وهي نسبة تصويت جيدة جداً في المنطقة، لكن الحوثيين وبالقوة العسكرية يريدون إخضاع الجميع لهم. وبالتالي رتّب استعمال القوة استعمالاً للقوة في المقابل، وإلا كنا سنمكّن ايران مع قواتها غير الرسمية من السيطرة على المنقطة".