اطلق كاهن كاتدرائية مار جرجس للسريان الأرثوذكس في الحسكة غبريال خاجو عدة تحذيرات ممّا يجري في المنطقة الشرقية من تهجير للمسيحيين بعد تضاؤل اعداد الاهالي من الاشوريين وخلو مناطقهم بالكامل في ريف الحسكة باستثناء تل تمر بالاضافة الى هجرة اكثر من نصف الاهالي من السريان، داعياً الجميع للعمل على منع التقسيم والمساعدة في صمود الاهالي في مناطقهم.
واذ اكد، في مقابلة خاصة مع صحيفة "النشرة" الاكترونيّة، رفضه القاطع لاي شعار يدعو لاخذ الناس حقوقها عبر التقسيم، لفت الى ان الكنيسة لا توجه الشباب لحمل السلاح وان مرت ظروف وكان هناك دعوات لحمل السلاح من اجل الدفاع عن النفس والارض، مؤكدًا وجود مجموعات من شباب الطائفة يحملون السلاح من اجل الدفاع عن ارضهم وحماية اهلهم.
واوضح الاب خاجو ان المنطقة الشرقية عاشت مراحل متعددة من الازمة، ففي مدينة الحسكة عاش اهلها في البداية حالة من الخوف بسبب الفوضى التي نتجت عن الخطف والسلب والسرقات، وهذا السبب ادى الى هجرة القسم الاولى من المسيحيين بسبب الخوف على اولادهم وعائلاتهم، لافتاً إلى انه بعد ذلك حوصرت المدينة من تنظيمات مسلحة من جبهة النصرة ومن ثم داعش وتكررت الهجمات على مدى ثلاث سنوات وكان اقساها في حزيران العام 2015 ما تسبب في خلو المدينة من سكانها من المدنيين.
واشار الى انه بعد ابعاد الجيش السوري والمجموعات الوطنية تنظيم داعش عن المنطقة عادت الطمأنينة للاهالي وعادوا الى عملهم، لكن المشكلة التي يواجهونها حاليا تكمن في غلاء المعيشة وصعوبة إيجاد اعمال تسد حاجتهم.
وحول هجرة المسيحيين من المنطقة الشرقية، لفت الى ان الكنيسة فقدت الكثير من المسيحيين، مقدّرًا نسبة هجرة السريان الى النصف بحيث كانت المنطقة يقطنها 3000 عائلة، اما الان فيوجد فقط 1500 عائلة من السريان.
وبالنسبة للاشوريين، اوضح انهم تعرضوا للكثير من المعاناة وخصوصا بعد سيطرة التنظيمات المسلحة على مناطقهم لاشهر، وكانت كفيلة بابعاد الناس عن المنطقة، حيث هاجر من هاجر وبقي القليل بانتظار اقاربه او ابنائه للهجرة، مشيرا الى انه بشكل عام اغلب القرى الاشورية خالية تماما باستثناء منطقة تل تمر التي تعرضت ايضا لهجمات متكررة بالسيارات المفخخة وهو ما تسبب ايضا بالمزيد من الهجرة بين السكان.
وحذر الاب خاجو من ان بعض الاهالي يريدون الهجرة وهناك من يريد البقاء لان لديه القناعة بعودة الحياة كما كانت والكنيسة تساعد بما تستطيع لمساعدة الناس على الاستمرار والبقاء من خلال تقديم مساعدات والتعاون مع المنظمات الانسانية.
واضاف: "لا نستطيع منع اي انسان من الهجرة لاننا لا نملك ادوات، فنحن كنا نقوم بتوعية الناس حول ضرورة التمسك بالارض ورفض الهجرة، بالاضافة الى تقديم المساعدات والدعم، لكن لا قدرة للكنيسة اكثر من ذلك لانها لا تملك اي سلطة على الدول لتمنع الاقامات والهجرة في وقت تقوم دول كبيرة بعروض مغرية للمهاجرين تصل الى ارسال طائرات خاصة لهم لتشجيعهم على الهجرة".
ولفت ايضا الى ان ما جرى في القامشلي من تفجيرات في احياء المسيحيين شكّل رسالة واضحة لاقناعهم بان لا مكان لهم في هذا البلد وعليهم الابتعاد.
وحول مشاريع تهجير المسيحيين الى لبنان ومناطق سورية قريبة منه، قال: "نحن من بداية الحرب على سوريا سمعنا بالمشاريع، ولكن ما لمسناه اننا فعلا امام عملية تهجير، فمثلاً اوروبا استقبلت اعداداً كبيرة من المهجرين، وهذا ليس عملاً اعتباطياً، واعتقد انه عمل منظم لتهجير المسيحيين برغبتهم او بالقوة". واعلن باسم المسيحيين رفضه القاطع لهذه المشاريع والتاكيد على وحدة سوريا تحت علم واحد وقيادة واحدة مع التشديد على حصول الجميع على حقوقهم لكن ليس عبر التقسيم بل عبر الحوار.
واضاف انه "ككنسية لا يمكن توجيه احد لمحاربة احد لكن في بعض الظروف تجد نفسك مضطرًا لتشجيع من يحمل السلاح للدفاع عن نفسه رغم ان الكنيسة لا توجه بحمل السلاح والقتل لان القتل يجلب القتل والدمار يجلب الدمار"، موضحا انه في مرحلة من المراحل كان هذا التوجه للدفاع عن النفس والارض، نافيًا ان يكون للكنيسة مجموعات مسلحة بل بعض ابنائها انضووا تحت مجموعات مسلحة للدفاع عن المحافظة وارضهم.
وختم بالقول ان رسالته هي أنّ "لكل شيء نهاية وهذه الالام تسبق الخلاص وان ابناء سوريا سيبنون وطنهم عبر بناء الانسان اولا بالمحبة والتسامح ومن ثم الحجر".