من المتوقع أن يتحول ربيع سوريا الساخن في الأسابيع القليلة المقبلة الى صيف أكثر سخونة في ظل الاستنفار العسكري للمحورين المتقاتلين، والذي لم يعد خافياً على أحد، وقد تجلّى مؤخراً بسلسلة تحرّكات وخطوات تحمل ما تحمله من دلالات، وسيكون لها تداعيات على الميدان.
وفي هذا السياق، لم يكن ما كشفته وزارة الدفاع الفرنسية منتصف هذا الأسبوع عن إرسال مستشارين فرنسيين لمساندة المقاتلين الأكراد في معركة منبج في ريف حلب الشرقي منفصلاً عن اعلان أكثر من مصدر سوري تسجيل تواجد لجنود أتراك في مناطق شمال سوريا، بالتزامن مع تأكيد صحف انكليزية تواجد جنود بريطانيين على الخطوط الأمامية في الداخل السوري بمسعى لتشكيل "جيش سوريا الجديد"، لينضم كل هؤلاء لعشرات الجنود الأميركيين الذين ظهروا بشكل علني يقاتلون الى جانب "قوات سوريا الديمقراطية" على أكثر من جبهة فيما أعداد من مستشاري واشنطن يدربون المئات من المقاتلين الأكراد لمواجهة تنظيم "داعش" الارهابي. فالنتيجة، وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، كانت بدفع الحلف الأطلسي في الاسابيع القليلة الماضية بحوالي 2700 جندي أميركي وبريطاني وفرنسي وتركي الى داخل الأراضي السورية وبالتحديد الى شمالي البلاد، بخطوة تؤكد وجود قرار اقليمي-دولي باشعال الجبهات وتأجيل أي عملية لإعادة اطلاق العجلة السياسية لحل الأزمة في المدى المنظور.
وقد استدعى دخول الحلف الأطلسي وبهذه القوة على خط الأزمة السورية استنفارا في المحور المقابل وبالتحديد محور طهران – موسكو – دمشق- حزب الله، وهو ما دفع الى اجتماع مستعجل في ايران جمع وزراء الدفاع الروسي والايراني والسوري اتفق خلاله، وبحسب مصادر واسعة الاطلاع على "تعزيز القدرات العسكرية للحد الأقصى من خلال انشاء قوة عسكرية متكاملة برا وجوا لانجاز معركتي حلب والرقة"، لافتة الى أنه تم الاتفاق كذلك على "رفض السير بأي هدنة لا تخضع للشروط الايرانية–السورية–الروسية أو تسمح بتعزيز قدرات العدو".
وتشير المصادر الى أن أهمية الاجتماع الثلاثي تكمن بشكله كما في مضمونه، "فذهاب موسكو الى طهران في هذه المرحلة بالذات على قدر كبير من الاهمية لإيصال الرسائل اللازمة بعد أشهر من التأرجح الروسي ما أوحى للأخصام خاصة أن الاختلاف في وجهات النظر الايرانية–الروسية قد يؤدي الى تضعضع المحور الذي ينتميان اليه".
وتؤكد المصادر أن كل ما تردد عن تنسيق وتعاون أميركي-روسي داخل سوريا، لا يعدو كونه "تنسيقاً سلبياً لتفادي الصدام، وهو بدون شك لا يرقى بأي شكل من الأشكال للتعاون، فهما بالنهاية قطبا المعركة الأساسيان ومن دون منازع".
وتستعد طهران لإرسال مزيد من جنودها الى سوريا لمواكبة المستجدات الأخيرة، على أن يكون حزب الله الداعم بمزيد من المقاتلين على الجبهات. وفي هذا السياق تؤكد المصادر أن الحزب "قادر على زيادة عديده في سوريا 4 أضعاف ممّا هم عليه اليوم من دون أن يحرّك أي عنصر من عناصره المتواجدين على الجبهة بوجه اسرائيل"، واستغربت المصادر ما يُشاع عن طاولات نقاش في الداخل اللبناني للبحث بكيفية استيعاب عودة عناصر الحزب الى لبنان، قائلة: "أي عودة هذه في الوقت الراهن؟ الأزمة في سوريا مفتوحة والنقاش لن يكون بكيفية عودة الحزب منتصرا بل كيف سيكون شكل المنطقة عند انتهاء المعارك".
باختصار، يتبين مع مرور الايام وخصوصا بعد دخول أكبر وأهم الجيوش الى الداخل السوري بحجة المشاركة دحر الارهاب، أن الحرب في سوريا عالمية بكل ما للكلمة من معنى، وأنّها قد تستمر سنوات وسنوات، ولا شك أنّها لن تترك المشهد في المنطقة على ما هو عليه، بل سترسم حدودا وتشكل أنظمة جديدة مختلفة تماما عما كانت عليه قبل العام 2011.