دخلت ازمة العقوبات المالية الأميركية على «حزب الله» والمتعاملين معه عنق الزجاجة، لا سيما ان واشنطن مستمرة في اجراءتها التصاعدية بحيث كشفت مصادر عليمة لـ «الديار» ان وزارة الخزينة الأميركية ستصدر في غضون الأسبوع المقبل لائحة ثانية تتضمن اسماء مؤسسات وشخصيات جديدة مطلوب تجميد حساباتها من جانب مصرف لبنان مع ما يحمل هذا القرار من تفاقم للتوتر المحيط بهذا الملف.
وفي الوقت ذاته لا يستطيع حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة سوى الالتزام بهذه المطالب الأميركية مع محاولات الرهان على عامل الوقت في مسارات التنفيذ الذي قطع من جانب واشنطن التي تندفع في اجراءتها في حربها مع «حزب الله»، قي حين عمد عدد من المصارف لأجراءات استباقية برفضها او تجميدها للتعاطي مع متعاملين معها
اما رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام فيتجنب حتى حينه مقاربة هذا الملف وطرحه للنقاش على الوزراء تحسبا لنقل التناقض السياسي الى طاولة الحكومة وانفجارها، ولذلك بقي الملف مفتوحا على كافة الجبهات، اذ يؤيد فريق 14 اذار «المفكك» بقوة تنفيذ هذه الأجراءات وتجفيف اموال «حزب الله» بهدف ضبط ادائه على الساحتين الداخلية والخارجية واعادة العمل السياسي الى الأنتظام الطبيعي،في حين ذهبت كتلة الوفاء للمقاومة بعيدا في حملتها على سلامة والتزامه القرارات والأتفاقيات الدولية، متجاوزة الدور المناط بالحكومة التي عليها اتخاذ الموقف من هكذا تحديات تواجه لبنان وقطاعه المصرفي تاركة كرة النار بين يدي حاكم مصرف لبنان.
ورغم ان العقوبات ألأميركية على حزب الله هي الورقة المخفية التي لعبتها واشنطن بعد اتفاقها النووي مع ايران، ومن غير الممكن توقيفها، الا ان مصادر مواكبة للملف ومطلعة على موقف «حزب الله» تدرج اندفاعة الولايات المتحدة نتيجة تحريض قوى سياسية معادية لحزب الله من جهة وكذلك نتيجة تقصير الجانب اللبناني الذي قصد واشنطن بينها الوفد النيابي الذي ترأسه عضو كتلة التحرير والتنمية ياسين جابر لزيارة العاصمة الأميركية، اذ لم يدافع بقوة عن المصالح اللبنانية وتداعيات ألعقوبات على البلاد الغارقة في مجموعة ازمات، لا بل ان المفاجئة كانت في الدفاع القوي الذي مارسه عضو تيار المستقبل النائب محمد قباني من موقعه في كتلة الرئيس سعد الحريري، في مقابل سياسة الاستماع التي مارسها عدد من اعضاء الوفد الرسمي لمهمة حساسة.
وتقول المصادر ان مدير ألأمن العام اللبناني اللواءعباس ابراهيم نصح المسوؤلين الأميركيين ابان زيارته واشنطن، بعدم التشديد على حزب الله بالعقوبات ووضعه امام الحائط لأن ذلك ينقله الى موقع الهجوم على القطاع المصرفي الذي لا يتحمل نتائج هذه المواجهات الدولية، اذ يجب الا يشعر حزب الله انه امام جبهة ثانية في مواجهته للأرهابيين الذين نفذوا عمليات في مناطق شعبية يسكنها ابناء الطائفة الشيعية، خصوصا ان لبنان مكشوف سياسيا في الوقت الراهن ولا يقوى على تحمل تداعيات هذا التجاذب الكبير.
وفي حين يعتبر مراقبون متابعون لهذا الملف ان حزب الله يتكبد حاليا الى حد غير قليل ثمن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لعدم حسمه في الملف بين حليفيه رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، لأن وجود رئيس للبلاد من شأنه ان «يدوزن» اندفاعة الحماس الأميركي ويشكل متراسا امام رياض سلامة بالدرجة الاولى ورئيس جمعية المصارف جوزف طربية من بعده، بما يقلل من وهج الاضطراب في القطاع المصرفي ولا تبقى كرة النار في ملعب الرجلين في ظل انكفاء حكومي جامع، لكون تصاعد القرارات الاميركية سيجعل من «حزب الله» حسب المصادر المقربة منه غير معني في مصير القطاع المصرفي اذا كان سيستعمل وفق مفهومه سكينا لقطع رقبته، نظرا لتاثير العامل المالي قي نشاطاته كافة، لا بل ان كلاما يدور في اوساط حزب الله، يكمن في عدم التقليل من حجم الودائع التي تفوق 30 0/0 والعائدة للطائفة الشيعية في مصارف لبنان، لأن ساعة المواجهة ستكون وكافة ألأحتمالات متوافرة ومقبولة من اجل الدفاع عن المقاومة على ما تقول المصادر المطلعة على موقف حزب الله. وذلك بعيدا عن التفاهم او معرفة كيفية سحب الأموال او نقلها عما اذا كانت نقدا ام عبر «شيكات» ام تحويلات ... اذا ما كانت الخطوة طوعية ام الزامية كترجمة للأجراءات الأميركية .
وفي ظل هذا المنحى التصاعدي ثمة معلومات بأن مسؤولين في الطاقم الدبلوماسي للسفارة ألأميركية في عوكر يرفعون تقارير الى الادارة المركزية تفيد بأن العقوبات المالية قد توتر الاستقرار الذي يشهده لبنان على الصعد السياسية - الاقتصادية -الامنية وذلك في معرض اطلاعهم على تداعيات العقوبات لأن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لن يتفرج على تطويق الحزب وستكون له قرارات دون التوقف امام عواقبها.