إن ما يثيره إنشاء سد جنة من ردات فعل رافضة له وهي تفوق بحجمها المؤيدين لإنشاء السد، وللأسباب الكثيرة التي فصلتها التقارير العلمية من جيولوجية وبيئية وجدوى إقتصادية، وهذه التقارير شكلت لدى الجمعيات البيئية المستند الاول للمطالبة بإيقاف الاعمال في السدّ، وهي عبرت من خلال تحركاتها الميدانية والقانونية من اعتراض وتقارير رفعتها بدورها الى وزارة البيئة والوزارات المعنية، عبرت عن هواجسها من الناحية البيئية من دون خلفية سياسية لإعتراضها، ونتيجة هذه الحملة على السد سار وزير البيئة محمد المشنوق بطلب ايقاف العمل في السد، ضد رأي وزارة الطاقة التي تستمر بالأشغال في مشروع السد، وتعتبر الجمعيات البيئية ان "جنة" قرطبا مهددة بطمرها بالمياه بدلا من الاستفادة سياحيًا وبيئيًا وزراعيًا منها. اضافة الى تهديد معالم آثار كنعانية، ومسح أسطورة أدونيس، الذي وُلد من ملتقى "افقا" و"الرويس".
إلا ان الأهم في هذا الاطار، هو ان الحلول موجودة ويفصلها تقرير للبروفيسور ويلسون رزق الذي يعطي حلولا علمية لتنفيذ السد على رغم تأكيده ان حتى هذه الحلول في حال نجحت من الناحية الفنية، لكنها ستضر بالبيئة المحيطة بالسد، وينصح في محصلة تقريره بوقف تنفيذ سد جنة بشكل نهائي، وصرف النظر عن هذا المشروع والبحث عن وسائل اخرى لتأمين المياه والإكتفاء بالحفاظ على هذا الموقع الفريد لأنه عدا عن قيمته التاريخية والتراثية، إنه فعلاً جنةٌ على الأرض.
اما في الحلول الفنية لتنفيذ السد فيشير تقرير ويلسون في ما يخص حوض السد أن الطريقة الوحيدة لجعل هذا الحوض ضابطاً للمياه هي تسكير كل ما يحوي من تشققات وفجوات بالإضافة إلى سد ثغرات الفوالق الغير محقونة بالمواد البركانية كالفالقان F1وF3بواسطة الحقن المكثف والعميق بالإسمنت. وللحيلولة دون زيادة التفسخ عند تعبئة الحوض بالماء وأيضاً للحماية من تأثير الهزات المرتقبة يجب أن يصار إلى ربط الأجزاء الصخرية المتخلخلة بعضها ببعض بواسطة كابلات إرساء. نلفت النظر أن هذه الإجراآت زيادةً عن كلفتها الباهظة ستؤدي إلى انسداد مجاري المياه الجوفية وتجفيف الينابيع التي تتغذى منها الأمر الذي يشكل ضرراً بالغاً للمزارعين والمستفيدين من هذه الينابيع، اما في ما يخص السد نفسه، فيجب تأمين ثبات السد وتوازنه أولاً بواسطة تسليحه بالحديد حسب الأصول الهندسية لضمان تماسكه، ثم تأمين تأسيسه على طبقاتٍ صخرية صلبة ولو تطلّب ذلك جعل عمق الأساس يتخطى الستين متراً، وأخيراُ يجب ربط هذا السد بالطبقات الصخرية المحيطة به بواسطة كابلات إرساء مشدودة.
وختم ويلسون تقريره معتبرًا انه يمكن من خلال الحلول العلمية المقترحة تنفيذ هذا السد لكن التكاليف ستكون باهظة جدًا عدا الضرر البيئي والزراعي والتراثي والاقتصادي وخسارة المستثمرين اراضٍ زراعية، بسبب إغراقها بالمياه، وهذه النتيجة التي توصل اليها التقرير يجمع عليها الخبراء البيئيون الذين يطالبون بالتخلي نهائيا عن فكرة إنشاء السدود الضخمة في لبنان واستبدالها ببرك صغيرة تنشأ على ضفاف الأنهر عند المصبات، وليس على المنابع او على رؤوس الجبال كما هي حاليا الخطة العشرية التي وضعتها وزارة الطاقة والمياه.