عاد شبح التفجيرات المتنقّلة إلى الواجهة في عزّ شهر رمضان المبارك مع الانفجار الذي ضرب منطقة ​فردان​ يوم الأحد الماضي وفي ساعة الإفطار تحديداً بـ"عبوة" ناسفة إستهدفت فرع بنك لبنان والمهجر، وهو أول مصرف طبّق العقوبات الأميركية "المالية" على حزب الله ومتعاملين معه فأقفل حساباتهم. وما إن دوى الإنفجار في تلك البقعة حتى بدأ البعض يتّهم "حزب الله" أنّه المستفيد الأساس من هذه العملية فيما البعض الآخر دعا الى التروّي وإنتظار التحقيقات.

يشير الكاتب والمحلل السياسي ​رفيق نصرالله​ الى أن "من وضع العبوة أمام بنك لبنان والمهجر أراد توجيه أصابع الإتهام الى "حزب الله"، والهدف من جراء هذه العملية هو قطع الحوار القائم بين الحزب من جهة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة ثانية حول موضوع العقوبات الأميركية وعدم تأثير كلّ ما يحدث على الوضع اللبناني النقدي بشكل عام". يعود نصرالله ويقرّ أن "نتائج هذا العمل جاءت عكسية وخدمت "حزب الله" بحيث أنه أوصل رسالة مزدوجة الى الجسم المصرفي الذي إرتجف جراء هذا التفجير والى الغرب وتحديداً الولايات المتحدة بأن أي إستمرار في تصاعد العقوبات سيؤثر على لبنان". هذا ما يؤكده بدوره الكاتب السياسي ​شارل جبور​ أنه "لا يمكن إتهام حزب الله بهذه العملية ولكنه المستفيد الأساسي منها، وهو عبرها تمكن من إيصال رسالة الى الولايات المتحدة بأن إستمرار العقوبات على ما هي عليه سيؤدي الى هزّ الإستقرار".

"الولايات المتحدة حريصة على إستقرار لبنان في هذه المرحلة ولعدّة أسباب أهمها وجود اللاجئين السوريين على أراضيه". هذا ما يشير اليه جبور عبر "النشرة"، لافتاً الى أن "هذه العبوة ستساعد "حزب الله" في تحسين شروط مفاوضاته مع أميركا"، ومؤكداً في نفس الوقت أن "الأخيرة لن تتراجع عما تقوم به ولكنها ستذهب في إتجاه تليين موقفها وبالتالي تليين العقوبات على الحزب". أما نصرالله فيرى أن "أميركا لن تتوسّع في لائحة الأسماء التي وضعتها وستدرك أنها لن تستطيع وضع المزيد من العقوبات "المالية" على الحزب"، ومضيفاً: "إذا البعض تعاطى بحماقة واستمرت العقوبات فإنّ الحزب ليس بحاجة الى متفجّرات لتحسين وضعه، فيكفي أن يلجأ أبناء الطائفة الشيعية الى سحب أموالهم من المصارف اللبنانية والتي تصل الى حوالي لـ62 مليار دولار والبدء بالتعامل "بالكاش" حتى ينهار جزء من المصارف اللبنانية ويهتزّ الوضع المالي ككلّ وتضطر أميركا ومعها المصارف الى إعادة حساباتها من جديد".

رفيق نصرالله يتخوّف عبر "النشرة" من أن "يكمل واضعو عبوة الحمرا رسائلهم بوضع عبوات أخرى أمام مصارف في الضاحية أو في مناطق مسيحية مثلاً"، لافتاً الى أن "الجسم المالي خائف في هذه المرحلة على كلّ الفروع، ومن هنا طلب من الأجهزة الأمنية تأمين الحماية لكل المصارف". أما جبور فلا يتوقع أن "نكون دخلنا مرّة أخرى في مسلسل التفجيرات الذي لا ينتهي"، معتبراً أن "الوضع مستقرّ وأن هناك مصلحة للمجتمع الدولي وأميركا كما ومصلحة سعودية-ايرانية وأخيرا مصلحة "حزب الله" من أجل مواصلة قتاله في سوريا بأن يبقى الوضع آمناً في لبنان".

قبل وقوع الإنفجار أمام بنك لبنان والمهجر في فردان، كانت الولايات المتحدة ماضية في تشديد العقوبات المالية على "حزب الله" من خلال زيادة عدد الأسماء التي وضعتها، فهل تُفرملها "مظلّة" الاستقرار التي تريدها هي للبنان؟!