أعلن "اتحاد الكتَّاب اللبنانيين" أنه في حمأة الإرهاب الضَارب لمفاصل الأمة وتاريخها الإنسانيِ والحضاريِ يستسيغ بعض المثقَفين العرب، ومنهم أدباء وكتاب لامعين، الانزلاق طوعا أو تحت وطأة الإعلام المضلل إلى التَّطبيع الثَّقافيِّ مع العدو الذي يغتصب الأرض ويقتل أهلها ويشردهم في بقاعها ، مشيراً الى أنه "ليس سرا أن العدو الاسرائيلي يعتبر التَطبيع مع العرب، بما في ذلك التطبيع الثَّقافي، جائزته الكبرى.
وفي بيان له، أوضح الإتحاد أن ":هذا التطبيع إضافة إلى البعد الاقتصادي والسياسي له، الرَّافعة التي تمكِّن هذا العدو من القول للعالم أجمع، وبالأخصِّ لأولئك الذين يعارضونه في احتلاله لفلسطين وتشريد أهلها من جميع الطوائف، أنَ مثقفين عرب بارزين يقبلون هذا الأمر، فلم يكون المثقفون من غير العرب غيورين على الشعب الفلسطيني أكثر ممَّا هي غيرة هؤلاء المثقَّفين العرب عليه، ولم تكونون، تالياً، ملكيين أكثر من صاحب القضية؟".
ولفت الى أن "ما أقدم عليه الكاتب اللبناني أمين معلوف، المقترن اسمه بشهرة محليَّة وعالميَّة، والمُلَوَّح له بجائزة نوبل، من إجراء لِحوار ثقافي متسامح مع قناة تلفزيون فضائيَّة إسرائيلية، لايمكن
وضعه في باب الحوار الإعلامي المجرَّد عن الغايات والأهداف، أقلُّه من جانب إدارة القناة، التي لايمكن أن تخرج عن إرادة حكومة العدو وأهداف المؤسسة الصهيونيَّة العالميَّة"، معتبراً أن محاولات التَّطبيع الثَّقافي هذه ليست بجديدة على الإطلاق، بل إنَّها مستمرة وبأساليب شتَى منذ "أوسلو" و"كوبنهاغن".
وشدد الإتحاد على أن "التَّطبيع مع العدو مرفوض إنسانيَّاً، لأنَّ هذاالعدو شرَّد وقتل ويقتل شعباً بأكمله. وهذا التَّطبيع، وخاصَّة في بعده الثَّقافي، مرفوض دينيَّاً لأنَّ مدينة "القدس"، التي تجمع كافة الأديان السَّماويَّة، محتلَّة ويُعمل على تهويدها يوما بعد يوم. وهو، كذلك، تطبيع مرفوض مرفوض حضاريَّاً، لأنَّ الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة قدَّمت عصارة ما عندها للعالم، وعاش في ظلِّها أتباع الدِّيانات السماويَّة الأخرى وسواهم، بكلِّ حريَّة، فيما اتباع الحركة الصُّهيونيَّة العالميَّة يَتَّبعون تعاليم "التلمود"، الذي يصف الآخرين بـ"الغوييم" والحيوانات التي لا تستحق الحياة".
ولفت الى أنَ "حجج بعض هواة التطبيع مع العدو الصهيوني، بأن أنظمة عربيَّة عقدت معاهدات مع العدو ساقطة؛ لأنَّ الثَّقافة هي الحصن الأخير للدِّفاع عن القيم العليا التي ترفض الظُّلم وترفض تقييد حريَّة الآخرين، فكيف لمن يحمل هذه القيم أن يُطَبِّعَ مع قاتل الأطفال والشيوخ ومنتهك حرمات النِّساء ومشرد الملايين وحارم المؤمنين من الصَّلاة ومهدِّد "المسجد الأقصى" و"كنيسة القيامة"؟
وأشار الإتحاد الى أن "خطورة ما أقدم عليه الكاتب أمين معلوف انه يأتي في زمن ارتفاع الأصوات الأوروبيَّة والغربيَّة بمقاطعة العدو الاسرائيلي مقاطعة تامَّةً، وكأنَّه يقول لإحرار العالم لالزوم لنضالكم، فنحن عرباً ولبنانيين راضون عمَّا يقوم به العدو من تشريد وقتل وتهويد واعتداءات يومية".
بناء عليه، فإنَ "إتحاد الكتاب اللبنانيين" يدين هذا التَّصرُّف للكاتب المعلوف، ويدعو الاتِّحادات والرَّوابط والأُسر العربيَّة التي تجمع الأدباء والكُتَّاب العرب، وعلى رأسها "الإتِّحاد العام للأدباء والكتاب العرب"، إلى رفع الصَّوت في وجه كل منزلق إلى التَّطبيع مع العدو الصهيوني بل إلى مساندة ومواكبة القوى العالمية التي لم تعد قادرة على تحمل وزر الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وفي مقدمها فلسطين".