تتعرض المقاومة وأهلها وأنصارها لحرب ثلاثية المحاور من الأميركيين و"الإسرائيليين" والتكفيريين؛ يتقاطعون عند التآمر العربي - الخليجي خصوصاً، فيصفون المقاومة بـ"الإرهاب"، ويضغطون على ما يسمى الجامعة العربية ومؤتمر التعاون الإسلامي، كذلك مع الأمم المتحدة وبان كي مون لشطب التحالف السعودي من التقرير الدولي في جريمة قتل الأطفال اليمنيين، ما أسقط الأمم المتحدة وفضحها على الملأ، وهي التي كانت تمارس ازدواجية المعايير.
يعتقد البعض أن نهاية المقاومة صارت قريبة، وأن الخناق عليها وعلى أهلها سيجعلها ترفع راية الاستسلام وتنسحب من سورية، ثم تعلن السلام مع "إسرائيل" وتسلّم سلاحها، مقابل رغيف الخبز أو فتح حساب مصرفي في لبنان، أو الحصول على قرض لتأمين سبل العيش للفقراء الذين سرقتهم البنوك بسندات الخزينة وتركتهم الدولة على أبواب بعض المسؤولين الوصوليين والانتهازيين الذين استثمروا في دماء الشهداء.
لقد بدأ العدوان الثلاثي وفق ما يلي:
1- الهجوم العربي على المقاومة، عبر حجب قناة "المنار" عن العرب سات ثم النايل سايت، وإسكاتها حتى لا يسمع العالم صراخ المقاومة الضحية، وللتمكُّن من تشويه الحقائق وتزوير الوقائع.
2- قانون الحظر المالي الأميركي، الذي يطال كل البيئة الشيعية، سواء كانت منظمة مع الحزب أو غير منظمة؛ فقد تم تصنيف الشيعة إرهابيين كخطوة أولى، وسيتبعهم كل من يتحالف معهم من المذاهب الأخرى، لعزل المقاومة في لبنان، والتهويل على الآخرين، وتم استخدام المصارف كسلاح فعّال أشد قساوة من القصف "الإسرائيلي" أو الانتحاريين التكفيريين (وفق المخطط الأميركي).
3- تمّ تصنيف المؤسسات الإنسانية والإستشفائية التابعة للمقاومة، وحتى المدارس والمؤسسات التربوية، وحتى الموصوفة بالمعتدلة وغير المسلَّحة، ومنها التابعة للسيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله)، كـ"جمعية المبرات الخيرية" ومستشفى بهمن، بشكل وقح وتعسفي فاضح.
4- تهديد العدو "الإسرائيلي" بأن الحرب المقبلة مع لبنان لن تقتصر على مناطق المقاومة، بل كل لبنان؛ كما صرح وزير التعليم الصهيوني نفتالي بينيت قائلاً: "على إسرائيل أن تُعدّ عقيدة قتالية جديدة، مفادها أنه في الحرب المقبلة يجب أن يكون لبنان كله هو العنوان".
لكن لابد من توضيح بعض الأمور لأهل المقاومة وحلفائها وأعدائها وخصومها في آن، لطمأنة الصديق والرد على العدو:
أولاً: بالنسبة للحصار المصرفي، فإن الخاسر الأول هي المصارف التي تنخرط في المشروع الأميركي، لأنه باستطاعة المقاومة وأهلها الذين يمتلكون الكفاءات والإمكانيات، بناء مؤسسات مالية غير ربوية وغير مرتبطة بالمنظومة المالية اللبنانية، وعندها من الوسائل الكثيرة للتواصل مع الخارج والداخل بشكل آمن ومربح أيضاً، فلا ينفع التهويل او إقفال الحسابات وسيرى كل مصرف بأنه أقفل على نفسه بدل الإقفال على الآخرين وسينهار النظام المالي العام بسبب ارتباطه بكل الدورة الاقتصادية في لبنان.. فلا تثقبوا السفينة المالية حتى لاتغرقوا!
ثانياً: لقد توعّد الكثيرون بأن النظام في سورية سيسقط خلال شهرين (منذ خمس سنوات) وستسقط بعده المقاومة وحلفاؤها، لكن الواقع يُظهر أن من توعّد وهدّد قد تفكك قبل الآخرين، ومهدَّد بالسقوط وينتظر المساعدة، والحلفاء في "14 آذار" تباعدوا وتفرّقوا.. وبقيت المقاومة.
ثالثاً: لقد انتقلت المقاومة في لبنان من دائرة الاستفراد إلى دائرة المحور العام؛ الممتد من طهران إلى بغداد فدمشق وبيروت، ويرتبط مع موسكو بنظام المصالح المشتركة على مدى عقدين من الزمن على الأقل، وبالتالي لا يمكن الاستفراد به أو عزله على كل المستويات، فدول ثلاث تضع إمكانياتها ومصارفها وسلاحها بتصرّفه بعنوان وحدة الجبهات.
فلتبرُد الرؤوس الحامية، والنصيحة لمسؤولي المال والعقوبات: المواجهة مع المقاومة لا تشبه تقلبات البورصة والأسهم وشركات "الأوف - شور"، وهي ليست معركة افتراضية عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني عن بُعد، فرأس المال لا يعيش في المناطق الساخنة والقلقة أمنياً، وهذا ما تخطط له أميركا وأدواتها، لإبعاد المصارف اللبنانية عن دورها في إعمار سورية، خصوصاً أن التحذيرات من انفجارات محتمَلة جاءت من سفارات أجنبية قبل وقوع انفجار بنك لبنان والمهجر!
قليلاً من التعقُّل، وكما تخلّت أميركا عن تركيا وقاتلت مع الأكراد لضمان مصالحها، فلن تتردد في ترك بعض الصغار المتطاولين عندما تقتضي مصالحها مهادنة المقاومة، وهذا ليس بعيداً؛ بعد تحقيق الانتصار في سورية والعراق واليمن.. رفقاً بأنفسكم.. تمهلوا قليلاً وانظروا إلى "إسرائيل" المهزومة كنموذج، وإن شئتم في الداخل أكثر من نموذج..