عندما وقع انفجار فردان في موعد الافطار، تردد صدى الصوت في أحياء بيروت، ومنها منطقة عين التينة. وعند استفسار رئيس مجلس النواب نبيه بري عن دوي الانفجار أخبروه أن عبوة وضعت قرب "بنك لبنان والمهجر".
أول ما تبادر إلى ذهن بري توقعه أن تحصل ردة فعل اتهامية ضد حزب الله، كما حدث عند اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري بإتهام سوريا منذ لحظة حصول الانفجار من دون انتظار التحقيقات.
كان يدرك بري أن الانفجار يستهدف لبنان أولاً وحزب الله ثانياً، لذلك أصدر بياناً طالب فيه اللبنانيين بالتنبه للأبعاد الحقيقية التي تقف وراء استهداف لبنان ونظامه المصرفي، وعدم التسرع والإنجرار خلف المخططات المشبوهة.
رئيس المجلس أوعز إلى المسؤولين عن حماية مقر عين التينة بالتعاون الأمني في التحقيقات وتقديم المساعدة إلى فرع المعلومات المكلف بالقضية من خلال ما تحويه الكاميرات الموضوعة بالشوارع المحيطة بمقر رئاسة المجلس النيابي. وعند البحث والتدقيق الأمني تبين أن السيارة المشبوهة لم تسلك الطريق باتجاه فردان، بل إتجهت عبر منطقة الظريف شرقاً.
وحول مسألة العقوبات المالية على حزب الله يستغرب بري ما حصل، علماً أن "لبنان يمثل أعلى معايير الامتثال للنظام الدولي من خلال القوانين اللبنانية التي أصدرها مجلس النواب في تشرين الثاني من العام الماضي".
بري كان قد أبلغ بذلك الوفد الأميركي الذي زار لبنان برئاسة مساعد وزير الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر، وعدّد رئيس المجلس أمام الوفد مضار تلك العقوبات "التي ستؤدي إلى خراب لبنان".
يومها شرح بري للأميركيين آثار العقوبات على اللبنانيين، وسأل غلايزر: "هل تريدون معاقبة كل من يتعاون مع حزب الله؟ إذاً سجّل عندك أنا أول حليف للحزب، وهناك مجموعة سياسية واسعة مؤيدة ومتعاطفة مع حزب الله لا تقتصر فقط على الشيعة".
أما بالنسبة إلى علاقة المصارف مع البلديات، وما أشيع عن منع التعامل مع أي بلدية ترتبط بالحزب، فأوضح بري للوفد الأميركي أنه يرتبط بشراكة مع حزب الله في أكثر من مئتي بلدية في البقاع والجنوب وجبل لبنان. أعطى رئيس المجلس النيابي مثلاً عن بلدية الغبيري (ثاني أكبر البلديات بعد بيروت دفعاً للضرائب)، وسأل بري: "هل تحوّل تلك البلدية أموالها للوزارة بالأكياس؟"
ماذا عن رواتب النواب؟ سأل أيضاً بري: "هل أدفع "كاش" للنواب؟"
بدا غلايزر مهتماً جداً لما يقوله رئيس المجلس النيابي اللبناني من دون أن يرد بأي جواب سوى الإنصات الكامل لحديث بري.
هنا إقترح رئيس المجلس مراقبة حسابات الأفراد بدل ملاحقة الأشخاص والمؤسسات، فإذا كانت هناك حركة غير طبيعية ومريبة وليست مبررة، تُتخذ الإجراءات وفق القوانين اللبنانية.
بري سأل الوفد الأميركي: هل تريدون حلاً أم لا؟
أجاب غلايزر: نعم نريد.
بري: هل تثقون بحاكم مصرف لبنان؟
غلايزر: نعم.
بري: هل تثقون بحاكمية المصرف (نواب الحاكم)؟
غلايزر: بالتأكيد نثق.
بري: إذاً فلنحتكم إلى القوانين اللبنانية.
بدا اللقاء في عين التينة صريحاً جداً، دافع فيه رئيس المجلس عن حزب الله، وأعطى أمثلة عن التداخل بين حركة أمل والحزب، فقال للوفد الأميركي: "هل تعلمون أن شقيق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ينتمي إلى حركة أمل؟ لا بل أقول لكم ان العائلات متداخلة فيما بيننا، قد يناصر رب العائلة الحزب وزوجته الحركة أو العكس ويتقاسم الأبناء في البيت الواحد الانتماء بين الحركة والحزب".
يومها خرج غلايزر مصرّحاً بدبلوماسية بعد لقائه بري، أن الأميركيين لا يريدون استهداف طائفة بعينها ولا لبنان واللبنانيين.