إنّها الكيدية السياسية التي تطبع بشكلٍ أو بآخر العمل السياسي في لبنان، والتي تعطّل مختلف الاستحقاقات والملفات بسبب أو بدون سبب...
إنها الكيديّة السياسية التي مورست منذ اكثر من عشرة أعوام، وأبطالها فريقان أساسيان هما التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، كانت حجر عثرة امام تحقيق هدف رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون في التغيير، كما أنها عكست عدم جديّة "تيار المستقبل" في التعامل مع ملفّات ما زالت عالقة تردد انها كلّفت الخزينة ملايين الدولارات.
وأوردت مصادر نيابية في الثامن من اذار عدة أمثلة على هذا الواقع المرير الذي تفاقم وأوصل البلاد الى ما هي عليه من شلل على جميع الاصعدة. وممّا تحدثت عنه المصادر، ملف الاتصالات الذي تعاقب على تحمّل مسؤوليته 3 وزراء من التيار الوطني الحر، وكانت مشاكلهم مع مدير عام "أوجيرو" عبدالمنعم يوسف.
تسترجع المصادر كيف ان تيار المستقبل تعامل يومها مع ظاهرة يوسف بأنها تمس الطائفة السنية، وان فضائح هذا القطاع وصلت كما تدل المعطيات والمعلومات الى مثول رئيس هيئة اوجيرو امام القضاء، مع ما يتردد من ان المسؤولين في تيار المستقبل على استعداد لرفع الغطاء عنه شرط ان يكون البديل شخصية محسوبة عليه.
وبانتظار ما ستؤول اليه التحقيقات والتي يؤكد اكثر من مسؤول قضائي ونيابي وسياسي من ان هذا الملف لن يقفل قبل تحويل المرتكبين الى القضاء، ترى مصادر سياسية ان طريقة تعامل الفريقين تسببت بكل هذ الخسائر، حيث ان اي مسؤول حريص على خزينة الدولة واموال الشعب، من واجبه ان يقدّم تنازلات سياسية لدرء الفساد والهدر المالي، ويعالج الملفّات حفاظا على سمعته وعلى سير ادارات الدولة بشكل سليم.
وتعطي مصادر الثامن من اذار النيابية مثالا حيّا آخر وهو اخطر من المثل الاول، سواء على التركيبة اللبنانية او على اقتصاد لبنان، وهو ملف النازحين السوريين، حيث حذّر الجنرال ميشال عون، ومعه وزير الخارجية جبران باسيل من طريقة تعامل الدولة معه، لكن الاتهامات بالعنصريّة انصبت عليهما من اكثر من مصدر وبالأخص من التيار الأزرق.
وهناك ايضا ملف حيوي اسمه ملف سدّ جنة الذي يكاد يفجّر الحكومة وذلك حسب ما قالت المصادر نفسها التي لفتت الى ان نواب بيروت يفضّلون ان يشرب أهلها من منطقة اخرى لا علاقة لها بالعونيين.
وفي ازمة الاستحقاق الرئاسي والتي حرمت لبنان من رئيس للجمهورية اكثر من عامين، يبرز وبحسب المصادر السياسية التعاطي الخاطئ من قبل العونيين وزعيم تيار المستقبل، الذي يعرف جيدا ان الخروج من هذا المأزق لن يكون الا بالتحاور مع من يمثل شريحة كبرى من المسيحيين اصحاب الحق في هذا المنصب، لكن المستقبل فضّل اللعب ونصب الكمين لفريق الثامن من اذار في ترشيح واحد منه، كما ان تصرفات قوى الثامن من اذار سهّلت مثل هذا الأداء لرئيس تيّار المستقبل سعد الحريري لانها لم تنجح في وضع تصور واضح امام رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية قبل ذهابه للقاء الأوّل مما أدى الى ما وصلت اليه جميع القوى وعجزها حتى الان عن طرح توافقي.
وتساءلت هذه المصادر عن الاسباب التي حالت دون التحاور بين 8 و14 اذار حول طريقة تعامل لبنان مع الازمة السوريّة قبل قرار حزب الله الانخراط في هذه الحرب بعد سنة تقريبًا على اندلاعها؟!
وتخلص المصادر الى ان استمرار مثل هذه الكيدية في التعاطي مع الملفات الكبرى للبلاد، لن تسمح لاي طرف خارجي بمساعدة لبنان، اذا وُجد هذا الطرف، وان النتيجة ستكون اما الفوضى العارمة، او حلول خارجية ستفرضها دول اخرى تبعا لمصالحها ولو على حساب اللبنانيين.