لا تبدو التسوية قابلة للنضوج في ملف جهاز "أمن الدولة" بعد فشل كل المبادرات التي حصلت سابقاً بين مدير الجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي. وإذا كان نائب المدير على طريق التسريح بعد بلوغه السن القانونية، فإن مصادر مطلعة جزمت بأن "أي تسوية لن تمر على حساب القانون الذي يحكم عمل مديرية "أمن الدولة". المطروح الآن على طاولة البحث الحكومي إقالة قرعة وتعيين بديل عنه إلى جانب نائب جديد سيحل مكان الطفيلي.
بحسب المعلومات فإن رئيس الحكومة تمام سلام لا يزال مستاء جداً من الأسلوب الذي تعاطى به قرعة معه. لن ينسى رئيس الحكومة طريقة تصرف قرعة معه.
وكان سلام سأل رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند زيارة الاخير منزل رئيس الحكومة في المصيطبة لتعزيته بوفاة والدته منذ ثلاثة أشهر: ماذا تريد ان نفعل بوضع نائب مدير أمن الدولة؟ أجابه بري يومها: اختاروا من تشاؤون من الشخصيات الشيعية وعينوه مكانه لحل الازمة على قاعدة تطبيق القانون الذي يحكم عمل "أمن الدولة".
لا يبدو من خلال هذه المعطيات ان التمديد مطروح للطفيلي اليوم. لكن تمديد الازمة قائم في حال بقاء التباين حول إدارة الجهاز، خصوصا ان مبادرات بالجملة كانت حصلت في الأشهر الماضية لحل الاشكال بعد تدخل عدة شخصيات ومنها العميد شامل روكز، لكن كل المحاولات باءت بالفشل. ويرى مطلعون ان قرعة كان يتجاوب مع تلك المبادرات وتحصل المصالحات مع الطفيلي، لكن بعد بضعة أيام سرعان ما تعود الازمة الى الواجهة من جديد. فأين دور وزير السياحة ميشال فرعون من الازمة وحلها؟ وهل صحيح ما يُشاع عن انه يقف خلف قرعة لفرض واقع جديد لا يُشارك فيه نائب المدير في قرارات الادارة؟ هذا ما يُقال، علماً ان فرعون يجاهر علناً بالدفاع عن تصرفات قرعة ويُقارع سلام وباقي الوزراء دفاعاً عما يعتبره منصباً كاثوليكياً.
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة غمز وزير الصحة وائل ابو فاعور باقي زملائه لدى خروج فرعون مستعجلاً للمغادرة الى وزارته، وعند وصول الاخير الى باب القاعة، قال ابو فاعور للوزراء بصوت عالٍ: ماذا سنفعل بملف امن الدولة؟ فعاد فرعون مسرعاً للمشاركة في النقاش معتقداً أن الملف عاد للطرح على طاولة مجلس الوزراء ، فضحك الجميع قبل ان يغادروا.
إرجاء ملف "أمن الدولة" لا يوحي بوجود حلول في حال بقي التباين حول طُرق إدارة الجهاز، في وقت يُفترض أن يتفرغ الجهاز لنشاطه الأمني وملاحقة الشبكات الإرهابية التي تنشط أو هي نائمة.
في تفصيل عمل الأجهزة تتصدر المديرية العامة للأمن العام الآن بفضل حزم إدارتها وحُسن سلوكها وقدرتها التصاعدية على توسيع نشاطاتها الادارية والأمنية.
لأول مرة يستطيع جهاز "الأمن العام" التصدر في القيام بالأعمال الادارية الواسعة المكلف بها، وفي الوقت ذاته تأليف قوى ضاربة قادرة على التحرك وتنفيذ المهمات بحرفية، وقوى استخبارية تقبض يومياً على شبكات "داعشية". هذا ما يهم كل مواطن: حفظ امنه لا الخلافات حول أمور شخصية ومصالح ضيقة.
لا تخفي عواصم القرار اعجابها بنجاح "الأمن العام". صار هذا الجهاز مضرب مثل، خصوصا مع تخبط الأجهزة الغربية في ملاحقة الإرهابيين. الفضل في نجاح "الامن العام" يعود الى خطة إدارة اللواء عباس ابراهيم وتفرغها لتنفيذ مهامها بحكمة. هذا ما يتطلبه جهاز "أمن الدولة" في المرحلة الجديدة، علما انه يضم عناصر وضباط أكفاء يعملون الان وينجحون بأصعب الظروف التي تمر بها المديرية.
آخر المعطيات السياسية تفيد ان ما سيُطرح سيكون على قاعدة: إقالة قرعة وتسريح الطفيلي، وتعيين بديلين يستعيدان تجارب المدراء السابقين ونوابهم. وفي حال تمّ وضع "الفيتو" على الإقالة سيجري تعيين بديل للطفيلي لا يتنازل عن صلاحيات نائب المدير المنصوص عنها في القانون.