خلال ثمان وأربعين ساعة فقط تمكن الإرهابي الموقوف نعيم عباس من شلّ عملية محاكمته، وفرملتها الى حين أن تجد المحكمة العسكرية والسلطات القضائية المختصة، الحل القانوني المطلوب لمتابعة إستجوابه وصولاً الى إصدار الأحكام.
فقد عزل عباس وكيلته المحامية فاديا شديد أمام قوس المحكمة ومن دون أن يكشف لها مسبقاً عن خطوته، ثم طلب أن تستجوبه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كاشفاً أن بحوزته معلومات عن جريمة إغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وفي اليوم التالي رفض عباس أن يردّ على أسئلة قاضي التحقيق العدلي عماد الزين المتعلقة بأربعة ملفات تفجير استهدفت الضاحية الجنوبية بسيارات مفخخة انفجرت في بئر العبد وحارة حريك مرتين والرويس. وفي نتيجة الساعات الثماني والأربعين، نجح خبير المتفجرات الأكثر حنكةً ودهاءً بإعتراف القضاة والمحققين، بتأجيل محاكمته الى السابع من كانون الاول المقبل في الدعاوى الثلاث المتعلقة بإقتناء متفجرات بقصد القيام بأعمال ارهابية تطال قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب وتجمعات شعبية والتحضير، وبتأجيل إستجوابه أمام القاضي الزين الى أجل غير مسمى او الى ما بعد توكيله محامياً جديداً للدفاع عنه.
"تأجيل الجلسات المتعمّد من قبل عباس ليس بالأمر الجديد بالنسبة الينا"، يقول مصدر قضائي رفيع، "وهذا أمر طبيعي بالنسبة الى موقوف بهذا الحجم يرد إسمه في العشرات من ملفات الإرهاب، والتي من المتوقع أن يحصل في اكثريتها على حكم الإعدام المخفّف الى السجن المؤبد". وفي رواية المصدر القضائي المتابع لمحاكمات عباس، "سبق لبائع العبوات لجبهة النصرة وتنظيم داعش وكتائب عبدالله عزام أن اعتمد الأسلوب نفسه لتطيير جلساته، بالتنسيق مع وكيله السابق طارق شندب الذي كان يتغيّب عن قصد عن حضور الجلسات، تارةً بحجة أن موكله يطالب بنقله من سجن الريحانية وإلا لن يقبل بمحاكمته، وتارةً أخرى بأن رئيس المحكمة العميد الطيار خليل ابراهيم لا يسمح له بتصوير ملفّات التحقيقات الأولية التي أجريت مع عباس، كل ذلك كان بهدف تأجيل صدور الأحكام بحقّه، وإحتمال أن تشمل صفقة تبادل العسكريين المخطوفين بين الدولة اللبنانية وجبهة النصرة إسمه، وعندها يخرج من ضمن الصفقة إذا لم يكن محكوماً". أما اليوم وبعد إتمام الصفقة وبقائه داخل السجن، وبعد تمكنه من الحصول على البراءة في ملف أحداث عبرا، يدرك عباس أن الملفات الأخرى التي يحاكم فيها، من المستحيل أن يحصل فيها على حكم البراءة، وبالتالي ما من طريق تؤمن خروجه من السجن من بين القضبان إلا تطيير المحاكمات ومنع صدور الأحكام، الى حين عودة الحرارة الى المفاوضات التي كانت قائمة بين مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم عبر أحد الوسطاء، وتنظيم داعش الإرهابي بهدف إنجاز صفقة مماثلة لتلك التي أفرجت عن مخطوفي النصرة، تعيد الى الحرية العسكريين المخطوفين لدى داعش منذ الثاني من آب 2014.
إذاً لهذه الأسباب يتعمد عباس تأجيل محاكماته ويجاهر بذلك أمام القاضي ابراهيم بقوله "لست مستعجلاً".