بات واضحاً أن مساعد مدير جهاز أمن الدولة العميد غسان الطفيلي لن يمدّد له، ولن يعود إلى كرسيّه صباح السابع والعشرين من الشهر الجاري، لبلوغه السن التقاعدي رغم محاولات هدفت لبقائه في موقعه وذلك نتيجة 3 عوامل وهي:
الاول: تمسّك مدير الجهاز اللواء جورج قرعة برفضه القاطع لاقتراح التمديد للطفيلي وعدم رفعه أي طلب إلى رئاسة الحكومة يطلب إليها عدم تسريح مساعده لكونه بلغ السن التقاعدي ولان لا جدوى من بقائه نتيجة الممارسات التي أقدم عليها الأخير وأفضت إلى شلل عمل الجهاز في هذه المرحلة الأمنية.
اذ تمكّن قرعة من المثابرة على موقفه برفض التمديد للطفيلي رغم الضغوطات التي مورست عليه من الفريق المتعاطف مع مساعده، لرفع طلب بقائه في خطوة لا يمكن أن يلجأ إليها سواه كقائد لهذا الجهاز وتعود له صلاحية تسريح الضابط الخاضع لإمرته ويتبع له.
ثانياً: الضغط السياسي الذي واجه توجه رئيس الحكومة تمام سلام للتمديد للطفيلي و الذي عبّر عنه تكتل التغيير والاصلاح، رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الوزير ميشال فرعون ورئيس جمعية لابورا أنطوان خضرا، إذ شكّل هؤلاء حالة متكاملة رافضة لتمديد الأزمة في جهاز امن الدولة على ما كان عليه مواقف كل من جعحع وفرعون بنوع خاص في الأيام الأخيرة لكون بقاء الطفيلي معناه ضرباً سياسيا ومهنياً للجهاز، في ظل الحاجة إلى دوره في هذه الظروف والتي حقق فيها إنجازات، لكون التمديد سيواجه بتحركات ومواقف تصاعدية.
ثالثا: عدم تمكّن سلام من إيجاد نص محصن «بهرطقة دستورية» يمكّنه من عدم تسريح الطفيلي بعد أن تبيّن له أن الدراسة التي طلبتها مديرية هذا الجهاز لا تجيز له التصرف من دون العودة إلى قرعة للتمديد لمساعده، عندها تكشف المعلومات أن سلام استمر على خطوته الهادفة إلى التمديد بهدف التهويل على القوى المسيحية للقبول بطلبه تعيين بديل عن قرعة بالتزامن مع تعيين ضابط جديد في منصب نائب رئيس الجهاز. بحيث راهن سلام على أن مصادرته لدور رئيس المجلس الاعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية ويجيز له اللجوء الى هذه الخطوة، لكنه تراجع عن قراره نتيجة المعوقات القانونية والمواجهة السياسية التي مارستها القوى المسيحية...
وفي حين حسمت عدم عودة الطفيلي الى مكتبه صبيحة 27 الشهر الجاري، وهو ذاهب حكما الى التقاعد، لم يتبين بعد حسب اوساط سياسية مواكبة لهذا الملف اذا كان سيبت بتعيين خلفاً له في الجلسة المقبلة استناداً لاقتراح رئيس الحكومة بعد ان بدأ يتم التدول بعدة اسماء بينها من داخل مؤسسة أمن الدول وبينها أيضاً من مؤسسة الجيش اللبناني. وتتوقف الاوساط امام المرحلة الجديدة التي ستواكب عمل الجهاز لناحية اتخاذ سلام قرارات بالافراج عن المعاملات الخاصة بالجهاز المجمّدة لديه وتهدف لتطوير عمله، كما تترقب الاوساط ذاتها مبادرة وزير المالية علي حسن خليل بالافراج عن المخصصات المالية ليتمكن الجهاز من تفعيل عمله بعد ان أبدى الاخير إيجابية في عدة محطات بتسهيل حركة المديرية ماليا بعد انتهاء الصراع داخله وهو ما تحقق في مغادرة الطفيلي الى التقاعد، اذ تأتي خطوتي سلام وخليل كإشارة بأن لا خلفية مذهبية تستهدف جهاز امن الدولة ووجود رغبة خفية في شله لحلّه.
ولا تخفي الاوساط السياسية المواكبة للملف الأمني قلقها من الحراك الذي تعمد له على الساحة اللبنانية «جبهة النصرة» التي تصنف الوجه الاخر لـ«داعش»، ولا يميز بينهما سوى أساليب القتل فقط، حيث دلت التحقيقات اخيراً بان عناصر من هذا التنظيم كانت تعد لعمليات في اكثر من مكان، وتم التحرك الاستباقي نحوها من قبل مخابرات الجيش التي أوقفتها.
كما ان محاولة «النصرة» التمدد والحراك تتابع الاوساط لن يوصل الى السيطرة على مناطق على غرار ما كانت الحسابات السابقة لهذا التنظيم في مناطق متاخمة للحدود اللبنانية، مشيرة الى ان الجبهة سعت مؤخراً للتمدد داخل بيئة النازحين السوريين وإنشاء شبكات لكونها لن تكون تحت المجهر على غرار «داعش».