الحوار هو الاسم الجديد للمحبّة؛ محبّة الله، ومحبّة الإنسان، كل إنسان، وصولاً إلى محبّة الأعداء، أما المحبّة المتبادَلة بين المسيحيين والمسلمين، فهي أولوية وأسمى الفضائل والمقدسات.
الحوار هو ثقافة وعلم وأدب وفن، ولاهوت وفقه وتربية وتواصل وإعلام.. إنه لغة العالم، ومسعًى حسن ونبيل للتعّرف إلى الآخر، الذي هو إنسان مثلي، له كرامته وحقوقه وحرّياته وشخصيته وفكره ودينه، فما عليّ إلا أن احترمه وأعيش معه بأمان وسلام، علماً أنه ليس من شخص مرفوض من الحوار، ولا محرّماتٌ في الحوار إطلاقاً.
إن من جوهر الحوار احترام الحريّة وحقّ الاختلاف؛ حُرية الفكر والتعبير والمُعتقد والضمير والإبداع.. جاء في القرآن الكريم: {ولو شاء ربُّك لآمن مَن في الأرض كلٍّهم جميعاً أفأنت تكره النّاس حتى يكونوا مؤمنين}، وأيضاً: {لا إكراه في الدّين}، وكذلك: {إنّك لا تُهدي مَن أحببتَ ولكن الله يُهدي من يشاء}، والقرآن يدعو إلى المساواة بين المتحاورين {وإنَّا وإيّاكم لَعَلَى هُدىً أو في ضلال مَبين}، ويحرّم الإكراه: {أفأنت تُكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين}، ويقول أيضاً: {لكم دينكم ولي دين}.
الحوار في الشرق هو حوار سياسي ديني غير منفصل، فإضفة إلى الحوار الديني، نحن بحاجة إلى حوار سياسي حقيقي وصادق لإدارة سلمية ديمقراطية للخلافات السياسيّة، وعدم استغلال الدّين في السياسة، والسياسة في الدّين.. حوار سياسي حرّ في إطاره الأخلاقي العقلاني والديمقراطي، من أجل تجاوز خطاب العداوة والتخوين والبغضاء والكراهية والتكفير، وحلّ الإشكاليّات والنزاعات بالحوار السلمي والتفاهم والمصالحة.
الحوار السياسي هو تأكيد على حقّ الاختلاف السياسي، شرط أن يبقى في إطاره السلمي، بعيداً عن المصالح الضيّقة والفرقة والانقسام وتحقيق التوازن والتكامل الإنساني في بُعدَيه الديني والسياسي.