فجأة، وبسحر ساحر، هدأت العاصفة التي ضربت بيت طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، أقله لناحية وقف التراشق الإعلامي. فجأة وبسحر ساحر روحي تدخّل من خارج الحدود، وقد يكون من أعلى سلطة روحية كاثوليكية أي من الفاتيكان، ألغت مجموعة من الشخصيات الكاثوليكية إجتماعها الذي كان مقرراً للتداول بشؤون الطائفة وشجونها، والذي كان من المتوقع أن يصدر عنه موقف معترض على أداء بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم غريغوريوس الثالث لحام. وبسحر الساحر الروحي عينه، ألغى لحّام المؤتمر الصحافي الذي دعا اليه أول من أمس وحدد موعده أمس الجمعة في دار البطريركية الصيفي في عين تريز.
هذه التهدئة الإعلامية "لا تعني أبداً وقف حملة المطارنة المعترضين على البطريرك لحام"، يقول أسقف كاثوليكي بارز، "بل كل ما في الأمر أننا سنكمل ما بدأناه ولكن بهدوء، وبطريقة تحدّ من حجم الأضرار التي قد تلحق بالطائفة جراء هذا الخلاف". قرار عدم وقف الحملة المطالبة بإستقالة لحّام، لم يتخذ بحسب المصادر المتابعة لأن الأسباب الخلافية معه لا تزال قائمة وقد وصلت كل المحاولات الحوارية الى حائط مسدود. أما بالنسبة لهذه الأسباب، فيلخصها المتابعون لكواليس ما يحصل داخل البيت الكاثوليكي على الشكل التالي:
أولاً-لخلفيات الحملة على لحّام، طموحات شخصية لدى عدد من المطارنة بالوصول الى الكرسي البطريركي، لذلك إستغل المعترضون وصول البطريرك الى سن الرابعة والثمانين، للّعب على وتر تقدّمه في السن وعجزه عن إدارة شؤون البطريركيّة.
ثانياً-لعبت مواقف لحام المؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد دوراً بارزاً في تشكيل جبهة أسقفية معارضة له تطالب بإستقالته، والدليل على ذلك أن رأس حربة هذه الحملة مطارنة مؤيّدون لتوجهات ما كان يعرف بفريق "14 آذار"، وعلى رأس هؤلاء راعي أبرشية بيروت وجبيل المطران كيرلّس بسترس وراعي أبرشية صيدا ودير القمر المطران ايلي حداد.
ثالثاً-سفر البطريرك لحام شبه الدائم وتواجده في غالبية الأحيان في دمشق، شكّلا سبباً رئيساً يرتكز اليه المعترضون على بقائه، على إعتبار أن إدارة شؤون البطريركية تتطلب منه تواجداً أكثر في لبنان.
رابعاً-أضف الى ما ذُكر أعلاه، يملك المعترضون على لحّام ملفّات عدة يعتبرون أنها تدينه لناحية إرتكاب مخالفة بيع أراضٍ وعقارات تابعة للبطريركية من دون أخذ موافقة الفاتيكان وسينودوس الأساقفة بحسب ما تنص عليه القوانين الكنسية.
في مقابل هذه الأسباب والملفات، "للحّام أيضاً ملفاته ومستنداته التي تدين عدداً كبيراً من المطارنة المعترضين عليه"، تقول أوساطه، وهو كان في صدد الكشف عنها وتسمية الأشياء بأسمائها، فيما لو عقد مؤتمره الصحافي الذي ألغاه بناء على توصيات روحية عُليا، وحفاظاً على الطائفة ورعاياها وسمعتها.
إذاً عملية نشر غسيل الروم الملكيين الكاثوليك توقّفت من دون التأكد إذا كان ذلك الى غير رجعة أم لا، لكن الأكيد أن القضية باتت بيد الفاتيكان، وأن أي تطور قد يطرأ عليها لن يكون إلا مضبوط الإيقاع.