اتى البيان الذي عقب حوار المستقبل ـ حزب الله ليل الاول من أمس في سياق مكمل للاهداف الاستراتيجية لهذا «المنتدى النقاشي» الذي يعقد في عين التينة ويرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ في الهدف الاستراتيجي لهذا التواصل تطويق التوتر المذهبي السني - الشيعي والسعي ومنع الفتنة وتناميها على الساحة اللبنانية والبقاء على جهوزية اقتناص التلاقي بين الأطراف الخارجية المتخاصمة اذا ما حصل وكان من الممكن استعمال هذه اللحظة لترتيب الواقع اللبناني.
الا ان الحوار هذا، مكن المتحاورين بحكم احجامهم السياسية في المعادلة ان يطرحوا مواضيع مفصلية في ظل الهدوء الامني على الساحة اللبنانية في موازات النقاش المحيط بملفي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، فبحث اللقاء ملفي الرئاسة وقانون الانتخاب بهدف تحقيق تقدم على الساحة اللبنانية في هذه المواضيع العالقة، بحيث يشكل التفاهم الاولي على احداها تراجعا الى حد ما بوتيرة الحدة المحيطة بالخطاب السياسي وتقليص مساحة السجال السلبي نتيجة المزايدات.
ولهذا تكشف اوساط قيادية في تيار المستقبل بأن الفريق المحاور المؤلف من وزير الداخلية نهاد المشنوق، مدير مكتب رئيس تيار المستقبل نادر الحريري والنائب محمد الجسر عرضوا موضوعي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب.
اذ في ما خصّ الملف الرئاسي حسب المعلومات تمسك وفد حزب الله في جلسة الحوار بدعمه لحليفه المرشح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ويقاطع تضامنا معه ولا يتدخل مع حليفه النائب سليمان فرنجية للانسحاب لصالح عون، اما في ما له علاقة بقانون الانتخاب فان الثنائي الشيعي كان متجاوبا لايجاد صيغة متكاملة مع وجهة نظر المستقبل، وفي هذا الاطار تقول الاوساط بأن تيار المستقبل مؤيد لاعتماد النسبية، وثمة دلائل على جديته في خياره هذا أبرزها:
اولا - ان تأيد المستقبل لقانون الانتخاب الذي تفاهمت عليه القوى في الدوحة اتى نتيجة الظروف التي أحاطت بتلك المرحلة، وهو امر لم يكن يعكس آمال وتطلعات التيار الأزرق.
ثانيا - اعلان رئيس التيار الرئيس سعد الحريري مرارا عن رغبته بايجاد قانون عصري وعادل يعكس تمثيلاً متوازنا ولا يأتي لصالح فريق على حساب آخر.
ثالثا - ان تيار المستقبل يميل نحو صيغة النسبية خلافا لما يعمد البعض تصويره رافضا له، اذ سبق وتبنت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة قانون الوزير الراحل فؤاد بطرس المسند الى النسبية.
رابعا - ان التفاهم المشترك الذي حصل بين تيار المستقل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي كان على صيغة اعتماد القانون الذي ينص على انتخاب 68 مقعدا وفق القانون الاكثري و 60 مقعدا على قانون النسبية بما يعني ان المستقبل مؤيد لهذه الصيغة.
اما فيما خصّ رئاسة الجمهورية، وامكانية الخروج نحو مرشح جديد طالما الافاق مغلقة توضح الاوساط بأن لحزب الله مرشحين من حلفائه ولن يذهب الى مرشح ما دونهما حليفا، ولذلك ستبقى الامور مغلقة وسيمدد الفراغ الى اجل غير مسمى.
وعن كلام رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بأنه يناقش والمستقبل ترشيح العماد عون، تجيب الاوساط بأن الموضوع ليس جديدا لكنه لا يحمل تطورا ، في حين لا ترفض الاوساط مبادرة الرئيس بري اذا حملت تقدما لحل المواضيع العالقة .
وفي منطق الاوساط ذاتها فان افطار تيار المستقبل في طرابلس الذي دعي اليه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي يدل على ان التيار الأزرق منفتح على كافة القوى، وان نتيجة الأنتخابات البلدية لها اسباب باتت معروفة تتوزع بين تسييس المعركة، التعاون والرئيس نجيب ميقاتي دون التوقف امام توازن التحالف داخل اللائحة اضافة الى فشل المجلس البلدي السابق وردة الفعل الشعبية عليه .
وفي السياق ذاته قال قيادي في «تيار المستقبل» بأن معالجة اشكالية الموقف السياسي الذي كان محور نقاش بين الحريري وبين القواعد أحرز تقدما كبيرا بحيث ان اللقاءات المكثفة التي تجرى في بيت الوسط بعيدا عن الاعلام أم الافطارات التي تشكل لقاء حواريا طويلا مع الزوار أدت الى تفهم هؤلاء المسؤولين لخلفيات موقف الحريري في المراحل السابقة، اذ على الصعيد السياسي يتابع لا بد من التعقلن في التعاطي مع الواقع الذي نواجهه، بما يفرض على كل القوى ان تعيد النظر في خطواتها وخياراتها وبينها حزب الله بشكل خاص الذي راهن على اسقاط الثورة السورية وحماية النظام السوري، وان دخوله سوريا سيكون لوقت محدد ينفذ خلالها مهمة وجيزة ويعود الى لبنان، لكن تبين له ان لا يزال غارقا في هذا المستنقع.
وفي المقابل، يتعاطى تيار المستقبل مع الثورة السورية بان تعداد المحطات لنجاح الثورة واسقاط الرئيس بشارالاسد قد طال، وهو ما يفرض التزام خطاب وخيار واقعي بحيث تتلاقى العقلانية السياسية لدى الجميع من أجل انقاذ لبنان، وقد تفهمت شريحة كبير من مسؤولي تيار المستقبل وكادراته هذا الواقع.
أما في ما خصّ الحوار مع حزب الله فتلفت الاوساط الى انه شكل تهدئة للساحة الداخلية وضبطا لخطاب التطرف الذي يصيب كل البلاد كما ان المآخذ على التنسيق الامني بين وزارة الداخلية بشخص الوزير نهاد المشنوق وبين حزب الله هو امر طبيعي لكون الامن في لبنان يطبق بالتراضي، الا ان المشنوق كان واضحا في مواقفه وعلاقاته وتواصله المحتم مع حزب الله على غرار سائر وزراء الداخلية الذين سبقوه بتولي هذه الحقيبة، وكانت اتصالاتهم غير معلنة، فيما المشنوق أخرج هذا الواقع الى العلن بهدف احراج حزب الله وتحميله المسؤولية في عدد من المحطات كما جاء في مواقف عدة له.
ويدرج القيادي الحزبي دعوة ميقاتي والصفدي الى افطار طرابلس في خانة استمرار «الرئيس » اي الحريري في سياسة الأنفتاح لكون البلاد امام تحديات عدة وبينها تحضير حزب الله البلاد للمؤتمر التأسيسي بما يتطلب تعزيز وحدة الصف والقوى الداعمة لصيغة الطائف والمؤيدة للاستقرار بجوانبه كافة، ويكمل بأن حيزا كبيرا من المآخذ تمت معالجتها ولا سيما ان جمهور تيار المستقبل لا يميل للتطرف و تبني الخطاب الحاد او اللهجة التحريضية ،ولذلك شكل التواصل مع الحريري فقط محطة ضرورية لن تتوقف في المدى القريب.