مخجل كان موقف رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل، من اللاجئين السوريين، والذي أطلقه في المؤتمر التأسيسي لمجلس العمل البلدي في التيار الوطني الحر أمس. مباشرة، وبلا أي لبس، قرر أن كل نازح سوري هو مشتبه فيه. فبرأيه، «يجب أن يكون ممنوعاً في بلدة من بلدياتنا أن لا تمر الشرطة البلدية مهما كان عديدها على تجمع للنازحين وتقوم بعملية تفتيش». تفتيش عن ماذا؟
الشرطة البلدية التي لا تملك أجهزة استعلام، وفي غالبية البلدات يقتصر دورها على إبلاغ أعضاء المجلس البلدي بموعد انعقاد جلساتهم، يريد وزير خارجية لبنان أن يحوّلها إلى أجهزة أمنية، تشتبه في جميع النازحين السوريين المشتبه فيهم، إلى أن تبُتّ الشرطة العظيمة براءتهم. والـ»نا» في «بلداتنا» تعود، بطبيعة الحال، إلى بلدات المسيحيين. النازحون القادرون على استئجار شقق فاخرة مرحّب بهم طبعاً، أما فقراء التجمعات، فمشتبه فيهم، وليذهبوا إلى قرى المسلمين. أما في «بلداتنا»، فلا مكان لهم. يثبّت باسيل مرضاً اجتماعياً جديداً، اسمه رهاب النازح السوري، على لائحة الأمراض العنصرية التي يكاد يختنق بها كثير من اللبنانيين. يُضاف إلى ذلك أن رئيس «التيار» يريد بوضوح، أيضاً، «منع أي تجمعات أو أي مخيمات للنازحين السوريين (...) إذ ممنوع وجود مخيمات وتجمعات للنازحين السوريين داخل بلداتنا، ومسموح للنازح أن يعمل، ولكن من دون أن يأخذ من أمام اللبناني فرص العمل، ومن غير المسموح لأي بلدية يكون القرار فيها للتيار الوطني الحر أن يفتح نازح سوري أي محل تجاري ويأخذ لقمة عيش اللبناني». بمعنى آخر، أراد باسيل أن يقول إن من المسموح به للنازح السوري أن يتولى الاعمال التي يترفّع اللبناني عنها. أما «المهن الشريفة»، فممنوعة على السوريين المتهمين بسرقة لقمة عيش اللبناني. الأموال الخليجية والأوروبية مرحّب بها تحت عنوان تشجيع الاستثمار، أما السوريون فلا مكان لهم في بلدات باسيل. حتى السوريون أصحاب الودائع الكبرى في المصارف يوضعون «على العين والراس»، أما «فتح محل تجاري»، فيهدد الأمن الاقتصادي للبنان! هذا الموقف «الربّيح» شعبياً، ربما، يكاد يلامس في عنصريته الحدود التي تضعها أحزاب الفاشية الجديدة الصاعدة في أوروبا، لكنه بالتأكيد لا يليق بوزير خارجية الجار الأقرب إلى سوريا، حيث الشعبان شقيقان، فعلاً لا قولاً، وبحكم التاريخ والجغرافيا والدم الذي يُراق في سوريا دفاعاً عن المشرق برمّته، وعن العالم كله أيضاً.
الأكيد أن باسيل مطالب بما هو أكثر من توضيح كلامه. المطلوب منه اعتذار.