لعنة الله والتاريخ على نازية هتلر، الذي جاء من "قاحط" ثلج في النمسا، ومن رتبة عسكرية متواضعة كعريف في الجيش إلى سدّة القيادة المطلقة في ألمانيا، ولولا فِعلته الإبادية بحق اليهود، لَما نشأت إسرائيل، ولَما حلّت المصائب المتوالية على دول العالم العربي.
وعجبًا عجبًا كيف إستطاع هذا المهووس الآري أن يصبح معبود الجماهير الجرمانية التي أنجبت أفذاذًا في العلم كـ"أينشتاين"، صاحب أشهر نظرية في التاريخ الكوني و"أوبنهايمر" مخترع القنبلة الذرية، و"بيتهوفن" أسطورة الموسيقى الكلاسيكية، و"شيللر" و"غوته" في الإبداع الشعري والفكري، وتوصّل أن يُقنع شعبه بأنه الآري المختار الذي يحق له أن يقود العالم الأوروبي، بل العالم قاطبةً، ولم يتعلّم درس التاريخ من سلفه "نابوليون" الذي سقط على أعتاب "جنرال" الثلج في القيصرية الروسية.
ويُذكر على سبيل المثال، الأديب الكبير ميخائيل نعيمة، الذي إنتقل من البيئة الفكرية في "سيمنار" بولتافا إلى بوسطن، كيف كانت الجالية اليهودية معزولة في الولايات المتحدة الأميركية، عندما نزل في أحد فنادقها ورأى بأم العين والسمع كيف إمتنع هذا الفندق من إستقبال يهودي عام 1919، وكيف إنقلب هذا "النبذ" بعد إستغلال المحرقة اليهودية لصالح التعاطف، بل الإحتضان الأعمى لهجرة اليهود إلى العالم الجديد وأوروبا التي كانت تلاحق اليهود في كل مخابئهم إرضاءً لسيّد ألمانيا؟!
ولأن الضحية إنقلبت إلى دور الجلاّد، فقد تمكّن العنصر اليهودي من أن يعشّش في نواحي ومناحي الحياة الإقتصادية والعلمية في الدولة العظمى التي إختارها آل روتشيلد من فرنسا وأوروبا منطلقًا للسير بمشروعهم التاريخي في إنشاء دولة إسرائيل وبسط نفوذها من هناك على سائر العالم!
وحتى لا نجتهد كثيرًا في أصل بلايانا، لا بد من أن نفهم أحلام هذا الشعب في السيطرة على "أرض ميعاده" وإرضاخ الدول الدائرة في جيوجيليته لهيمنته ونفوذه بعد تفكيك الدول والكيانات وإستبدالها بكيانات ضعيفة هزيلة لن تقوم لها قائمة بعد تدمير الهوية التاريخية لوجودها، وعلى الأخص لبنان الرائد للحركة النهضوية في محيطه بعد إستبداد دهري للأمبراطورية العثمانية طيلة أربعة قرون التي إنهارت عام 1914 وعوّض عليها الأوروبيون آنذاك: فرنسا وبريطانيا بسخاء في الحصول على أجزاء سورية وعربية بالإسكندرون وأنطاكيا وكيليكيا سنة 1939 بموجب إتفاق سايكس- بيكو، الذي يُعمل اليوم على إستبداله بما هو أسوأ.
وما المظهر والتطوّر الجديد الذي وصل إلى عقر كل طرف بالخلايا الإرهابية المتحرّكة، إلاّ الوجه الجديد لِما يحصل كرًّا وفرًّا في اليمن والعراق وسوريا، ومن خارج الحدود الإيرانية والسعودية إلى عمقهما النافذ على الأطراف.
فهل هو الحدّ الفاصل الأخير بين مرحلتين ومواجهتين بالواسطة والعلنية ليشكّل النهاية لتدخّل الكبار المباشر وإقتسام الغنائم والنفوذ على موائد المفاوضات في "يالطة" مصغرة جديدة؟!
* وزير سابق ورئيس المجلس العام الماروني