»الهجمة الإرهابية المجنونة» كما أسماها الرئيس سعد الحريري تقتضي تعزيز ما أسماه رئيس الحكومة، تمام سلام في مجلس الوزراء أمس بـ»المواجهة المستمرة مع الإرهاب»… وفي تقديرنا أنّ هذين التصريحين البليغين الصادرين عن أعلى مرجعيتين سنيتين في لبنان (المرجعية السياسية / الوطنية والمرجعية الحكومية / الرسمية)، يجب أن يكونا الدليل، ونكاد نقول بل والخط العريض لبرنامج العمل في هذه المواجهة التي أراد الإرهاب أن يفرضها على لبنان.
وأما العملية الإرهابية التي إستهدفت بلدة القاع الآمنة في تلك الناحية من حدود لبنان الشرقية مع سوريا فيجب أن تطرح «قضية» النزوح السوري الى لبنان من منطلق وطني وإنساني على حد سواء. فليس كل من يقول بهذا القول هو عنصري، وليس كل من يقول بعكسه هو (بلا زغرة) قد نشأ في مدرسة حقوق الإنسان الغربية المزعومة!
آن الأوان لأن تُسمى الأمور بأسمائها إنطلاقاً من هذه الهجمة الوحشية التي إستهدفت القاع:
أولاً - نوّد أن نحذر من اللجوء الى الأمن الذاتي. نعرف وندرك ونلمس «الأسباب الموجبة» لمخاوف الناس، خصوصاً وان التدابير التي سبقت هجمة الفجر لم تنجح في منعها، وعلى الأخص لأن التدابير الإستثنائية التي إستبقت هجمة الليل لم تحل دون وقوعها. وبالذات لأنّ أحداً ليس في مقدوره أن يتعهد بعدم حصول هجمات لاحقة. نقول اننا نتفهم هذا كله، ولكننا نرى أن «الأمن الذاتي» يولد بهدف شريف، عفوي فيتحوّل الى كارثة على أهله قبل أن يلحق الأذى بمن أُنشىء من أجل تفادي أخطاره. أمّا أن يكون البعض في حال دعم والتزام بأوامر الجيش، فهذا ربما يكون مستساغاً في شكل أو في آخر.
ثانياً - إننا، ولمرة واحدة، نأمل في أن يجري التعامل مع قضية النازحين السوريين من منطلق إنساني، ولكن أولاً وأخيراً من منطلق مصلحة لبنان، وأيضاً إنطلاقاً من تجربة لبنان المرّة في مجالي اللجوء والنزوح. ولكي يكون الكلام أكثر منطقية وصدقاً وواقعية نقول: يجب عدم المزايدة على تركيا والعراق والأردن (وهي سائر بلدان الجوار السوري - باستثناء الكيان الصهيوني) فنقتدي بطريقة تعامل تلك الدول الثلاث الإسلامية وبينها دولتان عربيتان مع النزوح السوري، خصوصاً وأنّ ما عاناه لبنان ولا يزال يعانيه جراء هذا النزوح إقتصادياً وإجتماعياً يضيف أعباء فوق الأعباء التي تثقل كاهل هذا الوطن. (وهل من الضروري أن نلفت الى زاوية الحوادث اليومية والجرائم العادية في الصحف لتتضح حقائق خطرة ذات صلة بالنزوح؟!).
ثالثاً - لماذا لا تُخصّص جلسة أو جلستان أو ثلاث على طاولة الحوار الموسّع للبحث في كيفية التعامل مع النزوح السوري على قاعدة المصلحة اللبنانية الوطنية وبعيداً عن سوق عكاظ «الحكي» الذي أوصلنا الى التهلكة.
رابعاً - وفي عود على بدء أن الهجمات الإرهابية على القاع هي تغيير جذري في قواعد «لعبة» الإرهابيين. وبات واضحاً أن القاع مستهدفة بذاتها كبلدة مسيحية «يجب» تهجير اهاليها وربما إحتلالها وإقامة «إمارة» فيها تعيد الى الأذهان ذلك الفصل المأسوي الذي إسمه «النهر البارد».
خامساً - وهل نطلب كثيراً إذا ناشدنا القادة والزعماء أن يبادروا الى طي خلافاتهم (موقتاً يا سيدي) ويتوفروا على تفاهم الحد الأدنى، فيأتوا برئيس للجمهورية تنتظم الدولة بعد إنتخابه في سلطتيها التشريعية والتنفيذية.