ما جرى في سينودوس طائفة الروم الكاثوليك، هذه السنة، أمرٌ فظيعٌ وغَيْرُ مسبوقٍ في تاريخ كنيستنا الرُّوميِّةِ الكاثوليكية...
إِنَّهُ أَمْرٌ يَسْتَوْجِبُ التوقُّفَ عنده كثيراً، لأنه يشي بالكثيرِ منَ المخاطِر، على مستوى العلاقةِ بين الرَّعِيّةِ والرعاة، وعلى صعيدِ مَفْهومِ التكامُلِ، بينَ كَنيسةِ المناصِبِ، وكنيسة الناس...
وَمَنْ حَيْثُ أننّي إبنُ هذه الكنيسة العريقةِ بإيمانها وتراثها وروحانيّتها، أرى نفسي مُتَضَرِّراً ومَعنِيّاً بالتصريحات والبيانات التي رافقتَ أَزَمَةِ السينودوس التي تَمَّ تظْهيرُها علَنَاً، وكذلك بمَوْقِفِ الأساقفة مِنْ البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، الذي رافقته مدّةَ خَمسَةَ عَشَرَ عاماً، كَمُسْتشارٍ إعلامي للبطريركية، حيثُ منحني كامِلَ ثِقَتِه وبركتِه، اللتينِ لا أزالُ أَعْتَزُّ بهما، رُغْمَ إستقالتي من مهامي الإستشارية في السنة الماضية لأسباب شخصيّة...
وبناءً على ذَلِكَ، وإنطلاقاً من الحرص على كرامة الكنيسة والرُعاة والمؤمنين، أَعْتبِرُ:
1- ان كنيستنا تعيشُ أزمةَ علاقةٍ حادَّةٍ بين الرّعيّةِ والرُعاة، حيثُ المؤمنونَ يبتعِدونَ عَنْ الممارسة الإيمانيّة، وحيثُ بعضِ رجال الدين يُبْعِدونَ الْمُؤْمِنِينَ عن الكنيسة بممارساتِهم وعدم إهتمامهم المباشر بالناس وأحوالهم الروحية والإجتماعيّة.
2- انَّ البطريركَ لا يتحمَّلُ وَحْدَهُ، ما آلتْ إليهِ أوضاعُ الكنيسةِ، تنظيميّاً وإجتماعِياً. فكلُّنا مَسْؤولٌ، عن الصَّمتِ الذي نمارسه حتى الان.
3- مِنْ واجبي أنْ أطرَحَ السؤال التالي: مَنْ ورَّطَ البطريرك بما سِيقَ حولَ أدائِهِ الإداري والمالي من إتهامات، بِحَسَبِ ما تضمنّتهُ تصريحات ورسالة المطارنة الى الكرسي البابوي؟ وَمَنْ سيُتابِعُ مضمون هذه الإتهاماتِ ويسْتَرْجعُ اموالَ الكنيسة وحقوقها، إذا ثَبتَتِ الإتهامات؟
4- كَثيرونَ يعرفونَ أنَّ الأداءَ الإقتصادي والمالي والاداري للدوائر في البطريركية هو أداءٌ مُتمادٍ في الزَّمَنِ، ويعرفونَ مَنْ هو المُستفيد مَنْ الفوضى القائمةِ والمُنَظَّمَة، التي تحكمُ الوضعَ في البطريركية.
5- مِنْ حَقِّ وواجِب كُلِّ شخصٍ رومي ملكي كاثوليكي، أنْ يتحرَّكَ ويسألَ عَنْ مصيرِ الكنيسة والاوقاف والمداخيل والمصروفات، وعنْ دورهِ كَشَريكٍ كاملِ المسؤوليّةِ في الكنيسةِ، لا ضَيْفَ شَرَفٍ ولا عَبْداً في أَرْوِقَتِها وبلاطاتِ بعضِ المُمْسِكينَ بسُلْطتها.
6- أرْفَعُ الصَّوْتَ الى الكرسي الرسولي للتَدّخُلِ بسرعةٍ في إجلاء الأمور، وإظْهارِ الحَقَّ، وطمأنةِ المؤمنين الى مصيرهم ومصير كنيستهم، في هذه الظروف المصيريّة والإستثنائيِّة من تاريخ وجودنا، المُهَدَّدِ بالأخطار الكبيرة.
7- أدعو السادة المطارنة الى إشراكِ (كنيسة الناس)، بموضوع نهضةِ الكنيسة، ومناقشة أحوال المجتمع وكيفيّة تحصين الكنيسة، وحمايتها مَنْ كلِّ خَطَرٍ أَوْ إنتقاد؟
8- أطلبُ من أحبارِ الكنيسة والرهبانيات العمل لعقدِ مؤتمرٍ للتفكيرِ معاً، من أَجْل بناءِ كَنيسةِ الغَدْ، كنيسةٍ تستحقّها الأجيالُ الشّابة، كنيسةٍ تسترجِعُ النَّاسَ اليها...
9- تشجيعُ الفكرِ النَّقدي البنّاء، وتعزيزُ الشَّفافيّة، في إدارة الأوقاف، والإستثمارات العقاريّةِ ومداخيلِ المؤسسّات، التابعة للكنيسة...
10- ماذا ننتظِرُ لنلَبّيَ صرْخَةَ الكنيسةِ ودَعْمَ مسيرتها والنّهوض بها. فَإِنْ سَقَطَتِ الكنيسةُ، سقطَ المُجْتَمَعُ وماتَ الوطنُ!
نعمٌ... نَحْنُ الكنيسة... الشعبُ هو الكنيسة... ولا نريدُ الخروجَ عَنْ روحيّةِ الكنيسة الراعية، والتي هي مرْجَعِيَّتنا روحِيّاً ووطنِيّاً... كلُّ ما نريده، هو أنْ نبقى أبناءَ كرامة، في مُجتمعٍ إخْتلَّت فيه التوازنات وضاعت فيه القِيَم، وان نستعيد دورنا ونؤكِّد على حضورنا، وعلى أهميّة تراثنا الروحي في الحفاظ على نوعيّة التنوّعِ الطائفي والمذْهبي، في هذه المنطقة المليئَة بالتناقضات...
نعم، نعم، المطارنة قالوا كلمتهم، وشرحوا واقع الحال بالنسبة لوضع الطائفة ومأزوميّة الواقع الذي تعيشه... بقيَ أن ينهضَ أبناء الكنيسة من سباتهم... بقيَ أنٍ يتلَقَّف المثقَّفون هذه المناسبة، لإعمالِ الحقِّ، ويتنادون لعقْدِ لِقاءاتٍ مُكَثّفة، لإنقاذ طائفتنا، وردّ الإعتبار الى مُثَلَّث: الكنيسة والرعيّة والراعي!