من المقرر، ان يجري صباح اليوم (الاثنين) في سراي صيدا الحكومي انتخاب رئيس ونائب رئيس بلدية القرية في شرق صيدا باشراف محافظ الجنوب منصور ضو، بعد خلافات مستفحلة في البلدة نتيجة التعادل، اي فوز ستة اعضاء من كلا اللائحتين المتنافستين، ما جعل اجراء عملية الانتخاب قبل التوافق متعذراً.
ومع بلدية القرية، يكتمل عقد اتحاد بلديات صيدا الزهراني الذي تأسس في 23 آذار 1978 وفقاً للمرسوم الإشتراعي 118 في سنة 1977، وهو أول اتحاد أنشئ في محافظة الجنوب وثاني إتحاد تأسس في لبنان بعد إتحاد "كسروان الكفور" الذي تأسس في العام 1977، رغم انه بقي معطلاً بسبب الحرب اللبنانية حتى العام 1998، وقد ضمّ في أول مجلس له 12 بلدية هي بلديات صيدا، حارة صيدا، هلالية، عبرا، مجدليون، عنقون، غازية، درب السيم، مية ومية، صالحية، برامية ومغدوشة، لتنضم إليه 4 بلديات أخرى في ما بعد هي بقسطا (2002)، عين الدلب (2001)، قريِّة (2002) وطنبوريت (2008) ليصبح مؤلفا من 16 بلدية، وهو يمتد اليوم على مساحة تصل إلى 154 كلم2 ويبلغ عدد سكانه حوالى 225 ألف نسمة.
وأكدت مصادر سياسية لـ"النشرة" ان انتخاب رئيس ونائب رئيس بلدية القريّة سيزيل العقبة الاخيرة في طريق اعادة احياء اتحاد بلديات صيدا الزهراني المعطل منذ الانتخابات البلدية الماضية، بعدما جرى الاتفاق وتذليل الخلافات السياسية التي ادت الى تجميده وتعطيله ست سنوات متتالية في اعقاب نتائج الانتخابات النيابية في صيدا عام 2009 وفوز النائبين فؤاد السنيورة وبهية الحريري، حيث عتب رئيس مجلس النواب نبيه بري وقتها لان مبادرته للتزكية في المدينة لم تنجح بعدما رشح الامين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد عن احد المقعدين مع النائب الحريري، الا ان تيار المستقبل اصر على خوض المعركة دون تزكية ففاز السنيورة والحريري وعتب بري، ثم أعقبه فوز لائحة محمد السعودي المدعومة من "المستقبل" و"الجماعة الاسلامية" والدكتور عبد الرحمن البزري في الانتخابات البلدية عام 2010.
واوضحت المصادر ان توافقا سياسيا على اعادة احياء الاتحاد وطي صفحة التجميد جرى خلال اللقاء الذي جمع بري والنائب الحريري كي يقوم بدوره في خدمة كافة منطقة صيدا لما تشكله من ثقل في معادلة الجنوب الخدماتية والانمائية، وعلى ان تتولى بلدية صيدا رئاستها وفق العرف السائد منذ تأسيسه عام 1978 وبلا اي مداورة، على ان يتولى نيابة رئاسته رئيس بلدية مسيحي وتحديدا كاثوليكي.
وأكد رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ"النشرة" الاتفاق على "اعادة احياء الاتحاد بعد تجميد ست سنوات، قائلا: "بات الامر مسألة وقت فقط"، موضحا انه جرى وضعه في اجواء "اللقاء الذي جمع بري والنائب الحريري والتوافق بينهما"، مشيرا الى انه "تلقى اتصالين قبل نحو ثلاثة اسابيع ونيّف لهذه الغاية، الاول من مسؤول الاتحادات النقابية والبلدية المركزية في حركة "أمل" بسام طليس والثاني من رجل الاعمال محمد دنش، أبلغ فيهما الرغبة في اجراء انتخابات الاتحاد وعدم تجميده مجددا وتنشيطه ليخدم كامل المنطقة".
الى جانب رئاسته، واجه الاتحاد عقبتين الاولى تتعلق بهوية نائب رئيسه، وقد جرى تذليلها من خلال التوافق على رئيس بلدية مغدوشة رئيف جورح يونان ليكون نائبا لرئيس الاتحاد والذي يكون عادة مسيحيا وكاثوليكيا ايضا، على اعتبار ان اكثر بلديات الاتّحاد مسيحيّة وكاثوليكيّة تحديدا (13 من اصل 16 بلدية، صيدا سنّة، ثلاثة شيعة حارة صيدا، عنقون والغازية)، والثانية عدم انتخاب رئيس ونائب رئيس بلدية القريّة وقد جرى تذليلها حيث من المقرر ان تعقد جلسة اليوم في سراي صيدا الحكومي لهذا السبب.
اسباب وتذليل
وترى مصادر مطلعة، ان سلسلة من التطورات دفعت بري الى إعادة النظر بأهمية تفعيل الاتحاد مجددا، أولها موقف صيدا الوطني في التعامل مع قضية الارهابي الموقوف أحمد الاسير ورفض قواها السياسية الخطاب المذهبي والانجرار الى اي فتنة، ثانيها العلاقة الجيدة التي لم تنقطع بينه وبين النائب الحريري رغم كل التشنج السياسي الذي ساد الساحة اللبنانية مؤخرا، ثالثها المودة التي يكنها للسعودي، رابعها القناعة أنّ بالاتحاد قوة وان تفعيله سيعود بالنفع على كامل المنطقة وابنائه في ظل تراجع خدمات الدولة والازمة الاقتصادية والحاجة الى مشاريع خدماتية وانمائية تخفف عن المواطنين اعباء الحياة وتوفر لهم فرص العمل.
تحضيرات ورفض
اداريا، تتواصل التحضيرات لترجمة التوافق السياسي الى محضر رسمي، حيث من المقرر ان يدعو محافظ الجنوب منصور ضو الى عقد جلسة لانتخاب رئيس الاتحاد ونائبه رسميا اما الثلاثاء اذا لم يكن عطلة رسمية لمناسبة عيد الفطر المبارك او مطلع الاسبوع المقبل بعد عطلة العيد مباشرة، وذلك بعد استكمال عملية انتخاب رؤساء ونواب بلديات الاتحاد وآخرها حارة صيدا وعنقون.
يذكر ان صيدا رفضت مرارا ألاّ تكون رئاسة الاتحاد من نصيب بلديتها او ان يعتمد مبدأ المداورة، حتى انها لوّحت بالانسحاب من الإتّحاد في حال لم يبقَ العرف السائد في توليها رئاسته، ففضل الجميع التريّث في الامر حتى لا تتحول الى ازمة مناطقية بخلفيّة سياسيّة خاصة ان بلدية صيدا تساعد كافة البلدات المجاورة وتستقبل نفاياتها وتوفر لها الشرطة والمعدات والخدمات اللوجيستية، وبالتالي فإنّ خروجها من الإتحاد يقلّص من ميزانيته إلى حدّ كبير، بينما يتميّز الاتحاد عن غيره بالتنوع الطائفي والسياسي الذي يضمّه، إذ تشكل بلدية صيدا الحضور السني في الإتحاد، مقابل 12 بلدية مسيحيّة و3 بلديات شيعيّة، علما ان إضفاء الطابع الطائفي على البلديّات، سببه قانون الانتخابات البلدية الذي يتطلّع إلى طائفة الناخبين في المنطقة المحدّدة، الذين كانوا في الماضي هم أنفسهم السكان.
تجدر الإشارة إلى أنه لم تعد الأغلبية الطائفية من السكان في هذه النطاقات البلدية هي ذاتها بسبب نزوح عدد كبير من سكانّها الأصليين إلى مناطق أخرى ونزوح أشخاص من مناطق أخرى إليها. في المقابل، ينعكس هذا الواقع باختلاف كبير بين سكان بلدية معينة وعدد المسجلين فيها، ما يؤثر سلباً على الأموال التي تتقاضاها البلديات من "الصندوق البلدي المستقل"، إذ في أغلب الأحيان يكون عدد الناخبين المسجلين في المنطقة أقل بكثير من عدد السكان، على الرّغم من كل ما تقدّم، تبقى بلدية صيدا الأكثر كثافة بين البلديات الأخرى وذات الأكثرية لجهة عدد الناخبين المسجلين (60610 ناخباً) في حين تحتل المرتبة الثالثة عقاريا (779 هكتاراً) بعد عنقون (920 هكتاراً) والغازية (914 هكتاراً).