يوم أمس، كان عيد الفطر عند مقلدي المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله. المعيّدون المنتشرون في المناطق الشيعية، أدوا صلاة العيد في أماكن إقامتهم. من بينهم، عدد من المقيمين في كوثرية السياد (قضاء الزهراني) قصدوا مسجد الإمام علي لأداء الصلاة صباحاً. إلا أن ولي الوقف المشرف على المسجد التابع للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى «أبلغهم بأن العيد غداً الأربعاء ولا صلاة عيد اليوم، رافضاً فتح الباب ليؤدوا الصلاة في حرمه»، بحسب المعلومات المتناقلة، ما دفع هؤلاء إلى افتراش الطريق أمام المسجد وتأدية الصلاة.
ذلك المشهد وُثِّق بصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية ، متحولة طوال يوم أمس إلى مادة جدل حادة استغلها البعض للتصويب على المراجع الدينية والاختلاف الدائم على تحديد أول أيام العيد، وصولاً إلى اتهام حزب الله بمنع الصلاة. لكن أبرز ردود الفعل كانت ابتداع «هاشتاغ» الداعشية الشيعية!
بالنظر إلى عناصر الواقعة، تباين نَسبُ فعل المنع. نقل عن رئيس البلدية علي موسى، أن «يحيى صبراوي، رجل الأعمال الذي شيد المسجد، هو من منع الصلاة لأنه من مقلدي المرجع السيد علي السيستاني الذي أعلن عدم ثبوت العيد أمس». في اتصال مع «الأخبار»، نفى صبراوي ما نُسب إليه، مستغرباً تحميله المسؤولية. «قدمتُ المسجد فور إنجاز بنائه منذ عام وقفاً للمجلس الشيعي الذي يشرف عليه وعيّن له وليَّ وقف وإماماً وخطيباً، فيما أنا لا أملك مفتاحاً له ولا أقصده إلا مرات قليلة في السنة ولم يعد لي علاقة به»، قال صبراوي الذي وضع الأمر عند المجلس وإمام المسجد الشيخ علي كساب. في اتصال مع «الأخبار»، أوضح كساب أنه لم يكن موجوداً عند حصول الواقعة. ما نقل له أن «ولي الوقف حسين صولي، المسؤول عن المسجد ومن يملك مفتاح أبوابه، حضر إليه 13 شخصاً طلبوا أداء صلاة العيد داخله، فأبلغهم بأن المجلس الشيعي الذي يتبع له المسجد أعلن أن اليوم (أمس) ليس أول أيام العيد وفقاً للمرجع السيستاني، ودعاهم إلى المشاركة في الصلاة التي ستقام غداً (اليوم)»، بحسب كساب الذي أضاف: «المصلون حضروا عندما كان المسجد مسكّر». ولفت إلى أن المسجد الصغير الواقع في خراج الكوثرية في منطقة حديثة البناء وغير مأهولة إلا بعدد قليل، «يفتح أبوابه لمدة ساعة فقط في أوقات صلوات الصبح والظهر والمغرب وفي المناسبات الدينية ثم يقفل في معظم الأوقات، لدواعٍ أمنية وخوفاً من السرقة والعبث بمحتوياته». لماذا لم يفتح ولي الوقف المسجد أمام المصلين، ولو في وقت الإقفال، بما أن المساجد لله في أي وقت؟ «ولي الوقف مش راضي عن أداء صلاة العيد في غير موعدها. منعهم تحقيقاً لجمع كلمة الناس على يوم واحد وتوحيد صلاة العيد في وقت واحد» قال كساب. القصة «ليست موجهة ضد مقلدي فضل الله» أكد، لافتاً إلى أن مساجد الجنوب تلتزم موعد صلاة واحداً صبيحة العيد برغم اختلاف تحديد أول أيام العيد بين المراجع. وذلك الموعد يحدده المجلس الشيعي الذي تتبع جميع المساجد الشيعية لأوقافه وتحت إشرافه. لمّح كساب إلى نيات غريبة لدى بعض طالبي الصلاة. «لماذا قصدوا هذا المسجد ولم يقصدوا مسجد البلدة المفتوح طوال الوقت؟ ولماذا سربت الواقعة ربطاً بالسيد فضل الله؟»، تساءل كساب. حاولت «الأخبار» التواصل مع المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان لتبيان آلية فتح المساجد وشرعية منع الصلاة. المجيب على اتصالنا قال إن الشيخ «ليس على السمع الآن وسنوصل له الخبر».
وكان المسجد قد افتتح الصيف الفائت برعاية نائب رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان وحضور ممثل مكتب آية الله السيد علي السيستاني في لبنان ووزير المالية علي حسن خليل الذي دعا في كلمته إلى «ضرورة إبقاء المسجد مكاناً للدعوة الدائمة للوحدة والتلاقي والتسامح والانفتاح ومنطلقاً لوحدة موقفنا ووحدة الوطن، ويجب أن يعكس صورة ديننا وقيمه في مواجهة العدو الصهيوني ومواجهة الفكر التكفيري. لذا علينا أن نجسد في كل مواقعنا قيم التسامح والقبول بالآخر».