اعتبر أمين الهيئة القيادية في "حركة الناصريين المستقلين – المرابطون" العميد مصطفى حمدان ان "ما نشاهده اليوم ونسمعه من ضجيج في السر والعلن حول انتخاب رئيس للجمهورية، هو للأسف كمن يسكب الماء على رمل الشاطئ حيث يختفي بعد سكبه بدقائق ولا يترك أي أثر"، لافتا الى أن "السبب الرئيسي لعقم هذه المبادرات الرئاسية وعدم جدواها، هو أنها تقتصر على الشكل فقط، أما في المضمون فالأمر أكثر وضوحاً لأهلنا اللبنانيين وهو أن هذه الطبقة السياسية الطائفية والمذهبية التي أُنتجت منذ إقرار دستور الطائف عام 1990، هي طبقة مسلوبة الإرادة ولا تملك حق تقرير مصير الوطن اللبناني من أقصاه إلى أقصاه"، وأضاف: "بالعربي المشبرح ما فيهن يشيلوا ايدن عن اختها الا بإذن من المدير الخارجي".
ورأى حمدان في حديث لـ"النشرة" أنّه "وبسبب تعقيدات وتشابك الواقع الإقليمي وإرتباطه بالإشتباك العالمي بين روسيا الاتحادية والصين ومن معهم والولايات المتحدة الأميركية على رأس الناتو وجموع الدول التابعة لها ومنها دول شرق أوسطية كتركيا العثمانية والمحميات والمشيخات على الخليج العربي، فإن بدايات فضّ الاشتباك ترتكز على الشخصية التي ستصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في تشرين الثاني المقبل".
ورجّح حمدان أن تبقى الساحة اللبنانية "عرضة للفراغ الرئاسي وعدم القدرة على انتخاب مجلس نيابي جديد وإقرار مراسيم النفط دون الشروع بالتنفيذ، مع الحفاظ على المناخ الأمني المستقر نسبياً مقارنة مع ما يجري في محيطنا العربي بحيث أن لبنان لن يدخل في إطار الحلّ المنفرد خارج إطار فك الاشتباك الدولي والإقليمي".
وبالنسبة لما يحكى عن ظروف مؤاتية لانتخاب رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، قال حمدان: "من جرب المجرّب كان عقله مخرّب، وإن معادلة ثنائية (رئيس تيار المردة سليمان) فرنجية-(رئيس تيار المستقبل سعد) الحريري وراعيهم رئيس مافيا النفط العالمي "جيلبير شاغوري" وثنائية عون-الحريري والله حاميهم لن تصل ابعد من كونها محاولات فاشلة وحركة بلا بركة، ولكن هذا لا يمنع الجميع من حق المحاولة، مع الإشارة إلى أن سعد الحريري ليس مفتاحاً للعقل السياسي – السعودي وقد سقطت وكالته منذ زمن بعيد، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ليس مفتاحاً للقرار الدولي لانتخاب رئيس في لبنان لضعفه وهزالة واقعه داخل فرنسا بالذات وفي أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية "مش فاضية" لهولاند وفرنسا في أيام الانتخابات الأميركية".
لا لمنطق السلال
واعتبر حمدان أنّه "من الطبيعي ان الحل في لبنان سواء كان مُداراً من الخارج او إن حلّت بركة الله على هذه الطبقة السياسية الحاكمة بين ليلة وضحاها واصبحت قادرة على إدارة شؤون لبنان دون العودة إلى مشغلّيهم الاقليميين والدوليين، فإن إنتاج مرحلة جديدة في المسار الوطني والسياسي اللبناني يبدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تسمية رئيس للحكومة بعد الاستشارات النيابية الملزمة، ووضع قانون انتخابي جديد وانتخاب مجلس نواب جديد والمباشرة بتعيينات تبدأ من قائد الجيش وصولاً الى كافة مراكز الهرم الامني والاداري الذي سوف يحكم لبنان لسنوات عديدة قادمة"، وأضاف: "من هنا نجد حجم أوهام وأحلام وأمال وآلام من يقول بأن السلة اللبنانية المتكاملة في هذا الزمن الغامض واللامستقر لا دوليا ولا اقليميا وحتى الدول العربية التي كان لها باع طويل في ترتيب وتصنيع السلال المتكاملة هي نفسها في وضع مهتزّ وغير مستقر لا تُحسد عليه، لذا فالسلة المتكاملة هي خارج اي منطق سياسي توافقي الآن ولا يمكن لا للعماد ميشال عون ولا لسليمان فرنجية ولا لأي مرشح رئاسي ان يملك قرار من هو رئيس الحكومة كما لا يمكن للزعيم الاوحد لأهل السنة في لبنان سعد الحريري ان يحدد من هو الرئيس المقبل الى قصر بعبدا، ولعل من العار والمعيب بحق اللبنانيين ووعيهم السياسي وانتمائهم الوطني ان نتكلم عن صفقات ومقايضة بين منصب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي بسلال متكاملة او سلال مثقوبة، وبالطبع علينا ان لا ننسى انه يجب ان يكون المطلب الاساسي للبنانيين اليوم من القيادات التي ستُتنخب من رئاسة الجمهورية نزولاً، ان يتقيدوا جميعاً بمكافحة الفساد والافساد والالتزام بمبدأ قانون "من اين لك هذا؟" الذي اذا طُبّق بطريقة صحيحة فإن الاكثرية ممن يمثلون الطوائف والمذاهب في الحكم اليوم سيكونون غير مؤهلين لاستلام المناصب الرسمية مستقبلا".
وأشار حمدان الى أن "الجريمة الكبرى التي ترتكب بحق تاريخ الديمقراطية اللبنانية العريق سواء أكانت توافقية او غيرها، بأن نسمع هذه الطبقة السياسية اللبنانية الطائفية والمذهبية تفتخر ويشتدّ ساعدها بمبادرة أميركية على مستوى سفير عابر او مبادرة فرنسية او مبادرة إيرانية وغيرها من كل المبادرات الأجنبية".
لا استباحة للساحة اللبنانية
وتطرق حمدان للوضع الأمني والتفجيرات الانتحارية الأخيرة التي ضربت بلدة القاع الحدودية، معتبرا أن موقع البلدة الجغرافي "كعقدة وصل ومساحة سهلية شاسعة تجاور الجرود المتّصلة بجرود عرسال والواقع الديمغرافي المسيحي جعل من العملية الإرهابية في القاع مؤشراً أمنياً هاماً يحمل الكثير من الإحتمالات، ولعلّ هذا الأسلوب الجديد من قبل الإرهابيين في الانتحار الجماعي يخضع اليوم للكثير من التدقيق في التحقيقات لدى مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية، ولكن الواضح والثابت أن هؤلاء الانتحاريين اتخذوا القاع معبراً للمرور عبر ناقلين للمتفجرات البشرية الى مواقع أخرى من المحتمل أن تكون في أماكن العبادة للسنة والشيعة في ليالي القدر"، مشددا على عدم امكانية "عزل هذا الأسلوب المتجدّد عمّا شاهدناه من تفجيرات في السعودية والكويت والعراق، والأهم من كل ذلك أن أهل القاع من رئيس بلديتهم ونائبه وصولأً الى كل العائلات وحّدوا اللبنانيين بدمهم المقدّس وشهدائهم على أمرين أساسيين: أولا، وجوب وضع خطة لبنانية شاملة لمواجهة الإرهابيين، وثانيا، دعم الجيش والقوى والأجهزة الأمنية في معركتهم ضد الإرهاب في كل المناطق اللبنانية".
ولفت حمدان الى أن "المعطيات والمعلومات تؤكد أن المناخ الأمني العام لا يزال تحت سقف القرار الدولي والاقليمي والوطني بعدم استباحة الساحة اللبنانية من قبل الارهابيين كما يحدث في سائر الدول العربية والعالمية"، وقال: "إنطلاقاً من مقولة عدم وجود مناخ أمني تام 100% ، فهذا لا يمنع إحداث أعمال إرهابية متفرقة قد تُحقق أهدافها وقد تفشل، وبالتالي فإن الحذر الشديد واجب على الصعيد الرسمي وعلى صعيد المواطنين الذين يجب أن يكونوا خفراء يساعدون قواهم الأمنية في كشف الإرهابيين والحدّ من فعاليتهم".
أبو علي بوتين!
وردا على سؤال عن صحة ما يحكى عن صراع بين الحلفاء في سوريا وتضارب المصالح الايرانية الروسية، أشار حمدان الى أن "الميدان السوري بكل تفاصيله الاستراتيجية والتكتيكية يخضع لغرفة عمليات واحدة تُكرّس الإتفاق السياسي الموحّد لروسيا وسوريا والحلفاء في مكافحة الإرهاب والقضاء على الإرهابيين والسير بالحل السياسي الذي يحفظ وحدة الجمهورية العربية السورية واغلاق كل المنافذ سواء من تركيا أو العراق أو الأردن لمنع تدفق الارهابيين الى الداخل السوري"، وأضاف: "بطبيعة الحال، فإن هذا لا يمنع أن نؤكد أن الإتحاد الروسي هو دولة كبرى لديها مصالحها الدولية والاقليمية، وهي ليست جزءاً من محور المقاومة انما تلتقي مع سوريا وايران في مصالح مشتركة متعددة أبرزها الواقع الميداني السوري وخطر تفشي الارهاب العالمي واجرامه في مختلف الدول، لذا من الممكن أن يكون هناك تناقضات في الاستراتيجية والتكتيك بين روسيا وإيران ولكنها لن تصل كما تروّج بعض وسائل الاعلام الدولية الى حدّ وقوع الإشتباك الروسي – الإيراني على أرض سوريا العربية، لأن في ذلك خطراً كبيراً في الاستراتيجية العليا يهدد مصالح البلدين إذا لا سمح الله هوت دمشق تحت سيطرة الارهابيين نتيجة ذلك".
وأردف قائلا: "مع الإشارة إلى السخافة المبرمجة لاستغلال العواطف الجيّاشة للعرب والمسلمين بإطلاق إسم "أبو علي بوتين" وهو بطبيعة الحال وحقيقة الأمر اسمه ولقبه الحقيقي "فخامة الرئيس فلاديمير بوتين" رئيس الاتحاد الروسي، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك إحباط إذا ما اكتشفنا هذه الحقيقة وتعاملنا مع روسيا على هذا الأساس".