بالتزامن مع رصد الأجهزة الأمنية تواصلاً بين عاصمة «الخلافة» في الرقة وشخصيات إسلامية في مخيم عين الحلوة، أوقفت استخبارات الجيش قيادياً في التنظيم المتشدد في جبيل، تبيّن أنّه خاطف راهبات معلولا، وكان قائداً لـ«لواء الغرباء»، قبل أن يُكلَّف بتنفيذ عمليات أمنية كبيرة في لبنان
ضجّت وسائل الإعلام باسم عماد ياسين طوال أسبوع. المعلومات المُسرّبة تُفيد بأنّ ياسين المتواري في «عين الحلوة» سيكون الذراع الجديدة لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذي كلّفه بالإعداد لعمليات أمنية في الداخل اللبناني.
وذكر مرجع أمني لـ«الأخبار» أنّ الاتصالات بين الرقة ولبنان تكثّفت خلال الأسابيع الأخيرة (منذ شهر رمضان). وكشف عن رصد الأجهزة الأمنية تواصلاً بين قيادي في «الدولة الإسلامية»، موجود في الرقة، يُعرف بلقب «أبو خالد العراقي» ويُعتقد أنّه مسؤول العمليات الخارجية في التنظيم، ومطلوبين متوارين في حيّ الطوارئ في عين الحلوة، برز بينهم ياسين. ويذكر المسؤول المذكور أن الرصد التقني بيّن أنّ التواصل بدأ منذ قرابة ثلاثة أشهر، مشيراً إلى أنّ الغاية إحداث تفجيرات وتوتّرات أمنية تعزز حال الفوضى التي تسهّل حركة عناصر التنظيم، فضلاً عن إمكانية استثمارها إعلامياً انتصاراً لـ«دولة الخلافة التي تقاتل العالم مجتمعاً». وذكرت المصادر أنّه إلى جانب ياسين، برز اسم هلال هلال، كاشفةً أنّ الأخير يلعب دور المسؤول الشرعي للمجموعة التي تدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية».
في المقابل، ذكر عناصر يدورون في فلك «الدولة الإسلامية» لـ«الأخبار» أنّ ياسين الذي يبلغ عمره نحو 47 عاماً، لا يخرج من منزله في حي الطوارئ إلا في حالات استثنائية. وذكر هؤلاء أنّه يعاني من إصابة تعرّض لها في صدره عام 2008 لدى تعرّضه لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة. وأوضحت أنّ الإصابة أقعدته عن تولّي أي مسؤولية أمنية أو عسكرية. ورغم أنّ هذه المصادر أكّدت أن ياسين مبايع لـ«الدولة»، نفت أن يكون هناك قرار باتخاذ المخيم منصّة للانطلاق نحو أعمال أمنية في لبنان. كذلك كشفت المعلومات أنّ الأفراد البارزين بين المجموعات التي بايعت تنظيم «الدولة» في المخيم هم ياسين وهلال وعبد فضة ونايف عبدالله وأبو حمزة مبارك، لكن مصادر الفصائل تؤكد أنّ المذكورين تعهّدوا بأنهم لن يقوموا بأي عملٍ يمكن أن ينعكس سلباً على المخيم.
ورغم إجماع الفصائل الفلسطينية والتنظيمات الإسلامية، وتحديداً المتشددة، على استحالة قيام مشروع تابع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في مخيم عين الحلوة، تؤكد المصادر الأمنية أن التنظيم يُصرّ على إيجاد بؤرة آمنة تكون منطلقاً لعملياته، ولا سيما بعدما تحوّل لبنان إلى هدف رئيسي في سُلَّم أولويات هذا التنظيم. تلك هي خلاصة تقارير الأجهزة الأمنية التي ترصد نشاطاً متزايداً للخلايا التي تدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتحديداً في الفترة التي تلت نشر الأخير أول إصدار رسمي له عن لبنان في آذار الفائت، بعنوان «يا أحفاد الصحابة في لبنان»، الصادر عن المكتب الإعلامي لولاية الرقة. الإصدار جاء مختلفاً عن الإصدارات السابقة، لجهة تعمُّد القائمين عليه كشف هوية «شرعيّ» ومقاتل لبنانيين في صفوفه يتحدثان في الإصدار، وهما بسام بيتية، ويلقب بـ«أبو عمر الشامي»، من مدينة طرابلس، وعمر الساطم الملقّب بـ«أبو خطاب اللبناني»، من وادي خالد. وهذا ما توقّفت عنده الأجهزة الأمنية والمتابعون للحركات الجهادية. ولم يُعلم حينها إن كان هذا الإصدار صفارة الانطلاق لعمليات التنظيم في لبنان أو مناورة لجذب الجهاديين إلى «أرض الخلافة». غير أن توقيفات الأجهزة الأمنية، استخبارات الجيش وفرع المعلومات والأمن العام، كشفت أن حراك الجهاديين هذا ليس سوى تمهيد للتفجير متى أمكن ذلك.
كذلك تحدثت المصادر الأمنية عن قرار لدى «جبهة النصرة» بتنفيذ عمليات في الداخل اللبناني، لافتة إلى وجود اتصالات لـ«الجبهة» مع شخصية بارزة في «عين الحلوة» في مسألة التنسيق الأمني، لكنها لم تُثمر لأسباب لم تُحدَّد بعد. غير أنّ مصدراً مقرَّباً من «النصرة» في عين الحلوة أكّد أنّ قرار العناصر الذين يدورون في فلك «النصرة» واضح لجهة تجنيب المخيم ما من شأنه أن يؤدي إلى تدميره وتشريد أهله، معتبراً أن المخيم ليس سوى ممرّ للجهاديين أو بيت آمن للبعض منهم حتى حين، وليس منطلقاً لعمليات أمنية ستجلب الويلات على أهلهم. هذه الخلاصة تجتمع عليها معظم الفصائل الفلسطينية التي تضع هذه المعطيات في خانة التحريض على المخيم.
تجدر الإشارة إلى أنّ رئيس فرع استخبارات الجنوب العميد خضر حمود كُلِّف بالاجتماع مع قيادات الفصائل الفلسطينية والإسلامية في مخيم عين الحلوة بهدف تحذيرهم. وذكرت المصادر أن حمود حمّلهم مسؤولية أيّ خرقٍ أمني قد يحصل، لكونه سينعكس سلباً عليهم، لكنه لمس قراراً واضحاً لديهم بتجنيب المخيم أي أخطار أمنية محتملة الحدوث مستقبلاً.
وفي السياق نفسه، أوقفت استخبارات الجيش ثائر م. في جبيل، بناءً على معلومات أمنية تُفيد بأنّه مكلَّف من قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» بتنفيذ عمليات أمنية في الداخل اللبناني. وقد تبيّن أنّ الموقوف كان ضابطاً برتبة نقيب في الجيش السوري قبل أن ينشق ويلتحق بإحدى الكتائب الإسلامية ليُبايع مؤخراً تنظيم «الدولة الإسلامية». وكشفت التحقيقات أنّه كان يتولى قبلها قيادة «لواء الغرباء»، وأنّه المسؤول الرئيسي عن اختطاف راهبات معلولا، بالتنسيق مع «جبهة النصرة». كذلك تبيّن أنّ قائد «لواء الغرباء» كان قد اختطف الراهبات وسلّمهم إلى «النصرة». وكشفت المعلومات أنّ الموقوف كان ضالعاً في عمليات أمنية خارج لبنان، قبل أن يُكلّف بالانتقال إلى لبنان لغايات أمنية.