تنطلق احدى القيادات الفلسطينية الرئيسية المقيمة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان من الأحداث الأمنية المتسارعة التي تضرب دول المنطقة كما الدول الغربية من تركيا الى اورلاندو وبروكسل ونيس وألمانيا وباريس وغيرها من العواصم العالمية، لتشدد على فكرة أن المخيّم الذي يستضيف نحو 120 ألف لاجئ على كيلومتر مربع واحد هو أكثر أمناً من أيّ مكانٍ آخر، بحيث تُمسك القوة الأمنية المولجة الحفاظ على استقراره كامل الملفّ خصوصًا وأنّها تمتلك بيانات بمعظم المقيمين فيه، وتقر بوجود مطلوبين خطيرين بعضهم ينتمي لتنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، الا أنّها ورغم ذلك تُعرب عن اطمئنانها لقدرتهم المحدودة على حشد العناصر حولهم أو القيام بتحرك ما، نظرا لرصدهم المكثف واقتصار تواجدهم وبشكل أساسي في حي الطوارئ.
يُشبه هذا الحي كثيرا من الأحياء والمساحات اللبنانية وخاصة الحدودية منها التي تعي أجهزة الدولة أنّها تحوي ارهابيين يحاولون العبث بأمن الداخل اللبناني، وما نموذج عرسال سوى خير دليلٍ على ذلك، ولكنّها لا تستطيع فعل شيء في ظلّ غياب الغطاء السياسي، ولا يشذّ حيّ الطوارئ عن هذه القاعدة، هو الذي تشدد القوى الفلسطينية على أنّه وبالأساس لا يتبع عقاريا لمخيم عين الحلوة ويسكنه لبنانيون وفلسطينيون، ارتأوا تحويله لبقعة خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية كما القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة التي تتولى أمن المخيمات الفلسطينية، تضم أخطر الارهابيين والمطلوبين الذين باتوا يلجأون اليه بلا تردد. وتبقى الجولات التي يقوم بها بعض عناصر القوة الفلسطينية "شكليّة"، نظرا لعدم وجود قرار بالقاء القبض على المطلوبين فيه، من منطلق أن أي عملية توقيف لأحدهم كفيلة باندلاع صراع دموي بين مناصري الحركات الاسلامية المتعددة المنتشرة في أنحاء المخيم، ومعظمها متطرف، وبين القوى الفلسطينية المعتدلة التي تتجنب أي احتكاك يؤدي لانفجار اجتماعي هائل، مع اضطرار مئات آلاف اللاجئين حينها الى مغادرة المخيم من دون أن يكون هناك اي بقعة بديلة تأويهم.
وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة، فان القوى الاساسية في المخيم تترك أمر المجموعات المتطرفة للقوى الاسلامية المعتدلة، باعتبار أن ليس هناك اي تواصل مباشر بينها وبين ممثلي المجموعات، وهي توكل عمليات التنسيق معها لبعض ممثلي القوى الاسلامية المعتدلة. وقد كثّف هؤلاء اجتماعاتهم في الايام القليلة الماضية بعد ضغوط كبيرة مارستها الاجهزة الامنية اللبنانية على القيادات الفلسطينية في "عين الحلوة" لاحتواء أي تطورات أمنية مقبلة مع تعاظم نفوذ تنظيم "داعش" في حي الطوارئ، ورصدها اتصالات توحي بعمليات ارهابيّة يحضر لها قياديون متطرفون متمركزون فيه.
وتُدرك الأجهزة الأمنية اللبنانية والفلسطينية على حد سواء عدم امكانية تأمين مستلزمات هذه العمليات من داخل عين الحلوة، نظرا لاستحالة اخراج مواد متفجرة منه، الا أنّها تنبّه من اعداد الخطط داخله وتولّي كل التحضيرات التي تسبق عملية التنفيذ، باعتبار أن قسمًا لا بأس به من القياديين الارهابيين شارك في دورات تدريبية في الرقّة وعاد الى المخيم بمهمّات شتى.
بالمحصلة، قد تكون الحركة الاستباقية التي قامت بها الأجهزة اللبنانية في الايام القليلة الماضية باتجاه "عين الحلوة" جنّبت المخيم كما أكثر من منطقة لبنانية اهتزازت أمنية كبيرة، الا أن الاخطار تبقى قائمة وستتعاظم طالما لا وجود لقرار لبناني-فلسطيني مشترك بحل أزمة "الطوارئ"...