لا تزال قضية اغتصاب الفتاة القاصر (أ.م.) التي هزت المجتمع الطرابلسي والشمالي تتفاعل فصولاً، خصوصاً بعدما باتت قضية رأي عام وفتحت ملفات انسانية واجتماعية مثيرة للغاية تشير الى عمق الأزمة الاجتماعية في مجتمعنا.
وفي جديد القضية بحسب المعلومات المتوافرة، فقد اتخذ رئيس المحكمة الشرعية في طرابلس القاضي الشيخ سمير كمال الدين قرارا جريئا بعزل والد الفتاة القاصر عن وصايته لابنته، ومنح حق الوصاية والحضانة لجدها لابيها اثر تنازل والد الفتاة عن حقّه الشخصي واسقاط الدعوى بحق المتّهمين الشبان الثلاثة.
وصباح الاربعاء سارع محامي الفتاة القاصر محمد حافظة المكلّف من نقيب المحامين في الشمال فهد المقدم الى التقدم بالادعاء على الشبان الثلاثة لدى قاضي التحقيق الاول ناجي دحداح بوكالته عن جدّ الفتاة (أحمد م.) وبدأت فورا جلسات الاستماع الى المتهمين ومتابعة القضية.
وقد أكد النقيب المقدم ان قضية الفتاة القاصر تحولت الى قضية رأي عام، وقال: "كل ملابسات القضية منذ البداية تكشف ما تعرضت له الفتاة القاصر، ومن واجب نقابة المحامين الدفاع عن الحقوق والحريات بالقانون والوقوف الى جانب هذه القضية الاجتماعية هو حق من حقوق الدفاع عن العدل والعدالة، وعندما تنازل والد الفتاة عن قضية ابنته ارتأت المحكمة ان تكون الوصاية لجد الفتاة، خصوصا بعد ما تبين لها ان والد الفتاة لا يرعى ابنته منذ سنوات وهي في حضانة جدّها منذ طفولتها وتعيش معه، كما حصلت على اثباتات تؤكد عدم جدارة والد الفتاة بحضانة ابنته بعد ان فرّط بحقوقها القانونية، ولم يدافع عنها ولم يقف الى جانبها ولم يحمها بل حاول تضليل التحقيق ولم يتعاطَ مع ابنته وتخلى عن دوره كأب ويريد اسقاط حقها القانوني والقضائي".
ولفت المقدّم الى ان المحكمة الشرعية وحدها تملك الحق في تحديد وصاية الفتاة، لذلك كانت المحكمة مقتنعة ان والد الفتاة لا يملك الاهلية والكفاءة، وطالما ان الفتاة في رعاية جدها منذ سنوات، اصدرت المحكمة الشرعية حكما بمنح الجد وصاية على الفتاة.
وشدّد المقدّم على ان المطلوب من جميع شرائح المجتمع التضامن مع قضية الفتاة اضافة الى تضافر كل الجهود لمساندتها من كل الجهات السياسية والقضائية والاجتماعية لأنّه جرى استغلالها بأبشع الاشكال من قبل هؤلاء الشبان الثلاثة والمطلوب عدم التوسع في التحقيق لان الفتاة قاصر، حيث تبين من خلال التحقيقات انها وُعدت بالزواج من قبل احد الشبان الذي عمل على استغلالها، واعتدى عليها خلافا للطبيعة.
وأشار المقدم إلى أنّ الشباب المذنبين اعترفوا بما نُسِب إليهم في ضوء شهادة الفتاة امام قاضي التحقيق ناجي دحداح والمدعي العام الرئيس الاول غسان باسيل ومندوبة الاحداث، منبّهاً إلى أنّ من حاول زج قضية اغتصاب سابقة للفتاة قبل سنوات من قبل احد اقاربها هدفه تمييع القضية، وجرى ذلك من خلال اقارب المتهمين الثلاثة لكن القضاء يحقق في جناية ارتكبت في وليس ما جرى في الماضي.
وأكد المقدم ان الدفاع عن المتهمين الثلاثة لا يشرّف اي محام انما الدفاع عنهم هو دفاع انساني يهدف الى تسريع الاجراءات القانونية، لكن على محامي الدفاع عن الشبان الثلاثة الالتزام بثوابت المهنة وعدم التصريح الى أيّ وسيلة اعلامية والتجريح بالفتاة. وقال المقدم انه مقتنع منذ البداية بقضية الفتاة، لذلك لم يتعاطف مع الشبان الثلاثة، ولفت الى ان محامي الفتاة محمد حافظة سيتقدم بادعاء جنائي اليوم امام قاضي التحقيق الاول.
وقال المقدم انه جرت محاولة الايحاء خلال التحقيق ان ما جرى مع الفتاة كان برضاها، متسائلاً: "هل يمكن لفتاة ان تكون راضية وهي قاصر لا تفقه مخاطر تصرفاتها؟"
وفي حين ذكرت مصادر لـ"النشرة" أنّ المتهم الرابع بالقضية (محمج خ.) أخلي سبيه كونه غير متهم بالاغتصاب، اعتبرت مصادر مقربة من عائلات الشبان الثلاثة المتهمين بالاغتصاب أنّ هؤلاء "ضحايا" أيضاً، موضحة أنّ أحدهم يعيش ظروفاً صعبة بعد وفاة والدته اثر تبلغها بخبر توقيف ولدها والاتهام الموجّه اليه، ويعتبر انها توفيت بسببه وهو بات بحاجة الى رعاية اجتماعية. وأشارت هذه المصادر إلى ان الشبان لم يقترفوا ذنبا وكل ما جرى مع الفتاة كان برضاها، على حدّ تعبيرها، لافتة إلى ان النيابة العامة ادّعت على عمّتي الفتاة لمحاولتهما تضليل التحقيق وتلقينهما الفتاة الاقوال التي ادلت بها.
وفيما توقّعت هذه المصادر عبر "النشرة" اخلاء سبيل الشبان الأربعة، قلّل مصدر قانوني من شأن ذلك، معتبراً أنّه في ظل الادّعاء الذي تقدم به وكيل الجدّ الوصي على القاصر بات من الصعوبة تقارب الاستحالة اخلاء سبيلهم، واذا حصل ذلك فسيتم الطعن لدى الاستئناف لمنع خروجهم من السجن، وان التحقيق سيأخذ مجراه وكل حديث عن البراءة مجرد تضليل للقضية.
في الختام، وأياً كان المسار القانوني الذي ستأخذه هذه القضية الشائكة والخطيرة، فالأكيد أنّها يفترض أن تكون جرس إنذار يجب أن يتوقف عنده الجميع، لأنّه إن دلّ على شيء، فعلى أنّ سلّم القيم يحتاج إلى إعادة نظر، وأكثر...