لم يتوقف التراشق الإعلامي منذ حوالي عامين بين رؤساء الكتل النيابية حول الاستحقاق الرئاسي وقد أدرك الجميع خطورة الفراغ في رئاسة الجمهورية على اوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
منهم من يتسلّح بالديمقراطية ويطالب بالنزول الى المجلس النيابي وممارسة النواب حقهم في انتخاب اي من المرشحين المعروفين، ويفوز من يحصل على الأصوات المطلوبة لوصوله الى قصر بعبدا، وبعضهم يرى ان العملية ليست عمليّة رقميّة، وآخرون يعتقدون أن كلِمة السر لم تأتِ بعد الى زعماء لبنان بينزلوا الى البرلمان لوضع اسم رئيس الجمهورية اللبناني للسنوات الست القادمة.
ويتذكر احد النواب المخضرمين ان العميد ريمون اده رفض في ظل وجود جيوش أجنبية في لبنان، رئاسة الجمهورية، وقال لموفد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد دعاه للتخلي عن شروطه هذه ليصبح رئيسا: "انني بوجود هذه الجيوش لن أكون رئيسا للجمهورية بل أكون محافظا عند حافظ الأسد".
ولفتت مصادر سياسية الى أنّ معظم آراء الزعماء اللبنانيين، ومعهم عدد لا بأس به من السياسيين، وكذلك عامة الناس، ان عدم وجود توافق إيراني-سعودي، هو الذي يعطّل الاستحقاق الرئاسي، وان القوى المحليّة غير قادرة على انتخاب رئيس صنع في لبنان.
وفي هذا السياق نقرأ ونسمع الكثير من الآراء حول الاسباب التي تحول دون انتخاب رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون او رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية، ولكن تبيّن ان هذا الكلام يُروى لتقطيع الوقت بانتظار الفرج الخارجي.
وتساءلت المصادر عن ماهيّة الشروط التي ستضعها الدول التي لها الباع الطويل في انتخابات رئيس جمهورية لبنان، وما هي الامور التي سيقبلها المرشحون، والتي رفضها العميد ريمون ادّه؟
وترى المصادر ان مجريات الأحداث في المنطقة المحيطة بلبنان تحتّم على ما يبدو ان يختار المرشح لرئاسة الجمهورية، والذي يمكن ان توصله الدول الى بعبدا، بين توجّه ايران السياسي حول الحلّ في سوريا الذي يقضي حتى الساعة برفض تنحي الرئيس بشّار الأسد، مع ايجاد تسوية تحفظ حقه بالبقاء في سدّة الرئاسة حتى انتهاء ولايته الحالية، مع الاحتفاظ بحقه في الترشح للرئاسة مرة اخرى، او بين النظرة السعودية لإنهاء الحرب في دمشق والتي عبّر عنها وزير الخارجية السعودية عادل الجبير مؤخرا، والتي لا ترى فيها الرياض أيّ أفق للحل من دون رحيل حتمي للرئيس السوري، وانّ لا تغيير في هذا الموقف، خصوصًا وان الحل العسكري مطلوب سعوديا لتغيير التوازن في الميدان، مع تعويل على تبديل قديم-جديد لموقف روسيا بفضل مغريات الانفتاح الاقتصادي والسياسي لدول الخليج عليها.
وتعتقد المصادر انه اضافة الى ذلك فهناك ضمانات داخلية وخارجية مطلوبة من الرئيس الجديد للجمهورية تتعلق برئاسة الحكومة، والثلث المعطل والبيان الوزاري وقانون الانتخاب وتعيينات الفئىة الاولى.
لكن مصادر سياسية مسيحيّة متابعة عن كثب للمعركة الرئاسية وبالرغم من اعترافها بضرورة التوافق الإقليمي على اسم وبرنامج الرئيس المقبل للجمهورية، ترى ان ظروف الانتخابات الرئاسية لم تعد اليوم كما كانت في الماضي، وان مستقبل المسيحيين بعد التهجير الذي تعرضوا له في الدول العربية المجاورة، يستوجب اقتناعا من اصحاب القرار الدوليين في منصب الرئيس اللبناني المسيحي، بأن يأخذوا بالاعتبار الضمانات المطلوبة حتّى لا يكون مصيرهم كمصير اخوانهم في بلدان الجوار.
واستنتجت المصادر الى ان اليوم الذي يمكن ان تتوفر فيه كل هذه المعطيات للانتهاء من الشغور الرئاسي لا يزال بعيدا، بل ربما لن يأتي في المدى المنظور.