عندما تسلّمت شركة «نيو ليبانون»، عام 2010، مشروع إنشاء سدّ اليمونة، تعهّدت يومها بانتهاء الأشغال في غضون ثلاث سنوات. مرّت ثلاث سنوات ومرّت ثلاث سنوات اخرى... والسدّ لا يزال أرضاً بور. أما الدولة، فلم تلتفت لما يجري.
وضع رئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان، حجر الاساس لبناء السد في مطلع تشرين الثاني من عام 2009، ولا يزال إلى اليوم غير منجز. وتسلمت شركة «نيو ليبانون» الأعمال منذ منتصف عام 2010، إلا أنّها حتى هذه اللحظات لم تنه المرحلة الأولى منه، علماً أنها كانت مطالبة بتسليمه خلال 30 شهراً. أي، بحلول عام 2013.
مرت 3 سنوات على موعد التسليم، وسط تساؤلات أبناء قرى غربي بعلبك عما آل إليه الوضع، ممتعضين من التأخير الذي لا يعرفون له سبباً. وهو المشروع الذي كلّفهم خسارة بساتينهم مقابل تعويضات استملاك زهيدة. كل ذلك من أجل الآمال التي علّقوها عليه، لجهة توليد الطاقة الكهربائية، وتعزيز موقع المنطقة السياحي، وصولاً إلى إفادة قرى غرب بعلبك من المياه. فسدّ اليمونة الذي تبلغ مساحته 600 ألف متر مربع، وتقدّر سعته بنحو 3 ملايين ونصف مليون متر مكعب في المرحلة الأولى، من المفترض أن يُستتبع بمرحلة ثانية تضيف إليه 3 ملايين ونصف مليون متر مكعب، والتي من شأنها توفير المياه بواسطة الجاذبية لأكثر من 100 ألف نسمة، موزّعين على 42 قرية في غرب بعلبك، بدءاً من مناطق دير الأحمر وشليفا وبوداي وصولاً الى طاريا وشمسطار.
لا يتوانى طلال شريف، رئيس البلدية، عن طرح أسئلة عن ماهية أسباب التأخير في إنجاز مشروع السد «والتلاعب بمواصفاته الفنية»، مشدداً أن سائر الذرائع من قبل الشركة «مرفوضة»، ويقول ان دراسة مشروع السدّ، التي أنجزتها شركة «دار الهندسة- نزيه طالب وشركائه»، قدّرت الكلفة المالية للمشروع بـ«18 مليون دولار»، الا ان شركة نيو ليبانون فازت بالعقد بمبلغ 11 مليون دولار. برأيه، ان ذلك يدعو للتساؤل والريبة وفتح تحقيقات من قبل الدولة ووزارة الطاقة والإدارات الرقابية؟
بعد الانتخابات البلدية الاخيرة، سارع شريف إلى طلب اجتماع مع وزارة الطاقة والمياه، والذي دُعيت إليه شركة «نيو ليبانون». وعلمت «الأخبار» انّ «نيو ليبانون» وقّعت في الاجتماع تعهّداً يقضي بتسليم المرحلة الأولى للمشروع في الأول من شباط المقبل. وتشمل هذه المرحلة سائر الإنشاءات من مصبات مياه ومهارب للتفريغ تسمح بتفريغ فائض المياه عن مترين ونصف في السد. وكشف شريف أن شركة «دار الهندسة- نزيه طالب وشركائه" أرسلت كتاباً خطياً إلى وزارة الطاقة والمياه تشير فيه إلى أن «الأشغال المتبقية في مشروع سد وبحيرة اليمونة نسبتها 45% من الالتزام، وأن المتعهد نفّذ عام 2015 ما يقارب 11%، ولذلك هناك ضرورة للإيعاز للمتعهد بتكريس الموارد البشرية والآلية للإسراع في وتيرة التنفيذ وإنهاء المشروع وفق الجدول الزمني المقدّم من قبله، وإنجاز الكميات المتبقية خلال 150 يوم عمل فعلي، كما ورد في موافقة وزير الطاقة والمياه بتاريخ الثاني من شباط الماضي. ولفت شريف إلى أن سائر المواد التي طُلبت هي من «الغابيونات (الشبك المغلف والمملوء بالصخور) والورقة البلاستيكية والواصل السطحي وسكورة الجارور، وقد جرى الموافقة عليها وباتت بحوزته ولم يبق عليه سوى إنجاز المشروع»، مشدداً على أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى سحب الكفالات المالية لتنفيذ المشروع وتسليمها إلى متعهد آخر لإكماله.
من جهتها، عزت شركة «نيو ليبانون» التأخّر في تسليم مشروع سد وبحيرة اليمونة إلى «تغييرات وتعديلات طرأت على الخرائط والمشروع، في وقت تأثرت فيه الشركة من قرار منع اليد العاملة السورية من الدخول بدون تأشيرة مسبقة، وعدم توقيع جدول مقارنة الأسعار من قبل وزارة الطاقة والمياه»، على ما يقول علي دندش، رئيس مجلس الإدارة. ويشرح أنّ هذه «التعديلات على الأشغال كان لا بدّ من إضافتها في الوقت الذي كانت قد استقالت فيه الحكومة، ولم تتمكن الوزارة من توقيع جدول المقارنة الذي يرفع الاسعار 15%». ويوضح دندش أن الشركة ربحت مناقصة السد بكلفة 11 مليون دولار، بعدما رفضت أربعة عروض أسعار، «ولدينا اليقين أن المشروع ما كان ليجري تنفيذه لو كان عرض الأسعار أكثر من 11 مليون دولار، وكان سيجري رفض كل عرض أكبر من تلك القيمة». ولا يتوقف المتعهد عند هذا الحد، مؤكّداً «خسارة الشركة المتعهدة ما يقارب ستة ملايين دولار بحفرية السد، ولكننا أكملنا العمل كرمى للمنطقة، ولأن التوقف عن العمل فيه يعني أن لا أحد سيكمل تنفيذه وستخسر المنطقة المشروع».