بعد خمس سنوات وخمسة أشهر على الأزمة السورية، تتكشّف المزيد من الحقائق عن طبيعة الحرب والمؤامرة الكونية على الدولة الوطنية السورية، وعلى سورية كدولة وكيان، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً.
ونظراً إلى اتساع خريطة المؤامرة على سورية، التي تحوّلت في ظل قيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد ومن ثم الرئيس بشار الأسد إلى قوة إقليمية كبرى مؤثّرة، كان المشروع الذي بدأ العمل به عليه منذ اللحظة الأولى لاندحار العدو "الإسرائيلي" في 23 أيار عام 2000 عن الجنوب اللبناني وتسارعت خطواته التنفيذية بعد الانتصار المدوي للمقاومة في لبنان في حرب تموز - آب 2006.
في خريطة استهداف الدولة الوطنية السورية استُعملت كل الأشكال والأساليب، واستُحضرت وتُستحضر فيها كل حروب المافيات الدولية والعصابات والجماعات الإرهابية التي أسستها الولايات المتحدة عبر التاريخ.
البداية العملية كانت بالتهديدات العلنية والسرية التي وجّهها ناظر الخارجية الأميركية الأسبق كولن باول إلى الرئيس بشار الأسد إثر الغزو الأميركي للعراق في نيسان 2003، وإعلانه التهديدي الصريح أن الجيوش الأميركية أضحت على الحدود السورية، ومثل هذا التهديد وجّهه باول أيضاً إلى الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود، فما امتثلا للقرار الأرعن.. فبدأت خيوط المؤامرة ترتسم بأشكال مختلفة.
لقد انطلق العدوان على سورية بخطة بعيدة المدى، بعد أن عجز عن كسر إرادة المقاومة في لبنان، فالعدوان العالمي والحرب على سورية انطلقا وتمّ التحضير لهما بدهاء تركي، الذي كان في البداية يُظهر التودّد نحو دمشق، وبخداع قطري صوّر نفسه أنه قريب في مواقفه من سورية، وبتودّد سعودي، وبتقرُّب فرنسا شيراك ثم ساركوزي نحو سورية، دون أن نتحدث عن الرأس الكبير الولايات المتحدة، فخلال خمس أو ست سنوات من المراوغة والابتزاز والتآمر كانوا يحضّرون خلالها الأنفاق، والمشاريع والجمعيات الدينية، وواجهات من المشايخ والإعلاميين وما يسمّى رجال المجتمع المدني و"حقوق الإنسان"، الذين تم اصطيادهم بإتقان وبراعة في برامج الشراكة والتدريب الأميركية والأوروبية والأممية، من أجل مشروعهم المدمر (الفوضى الخلاقة)، والتي تهدف في النتيجة إلى تفكيك سورية.
بعد هذه الحرب الضروس على سورية، التي شارك فيها حتى بطريقة غير مباشرة بعض الإعلام المحسوب على جبهة المقاومة والممانعة، من خلال شاشات وصحف صديقة، جهدت وعملت على ابراز "معارضين سلميين" يقيمون في فنادق خمسة أو سبعة نجوم في باريس واسطنبول وعواصم غربية عدة، وبعضهم ممنوح جوائز من لجان حقوق إنسان أميركية، ثمة الكثير من الحقائق التي بدأت تتكشف، فالمعارضات السورية بدأت تكيل الاتهامات لبعضها البعض، وببساطة صار بعضهم يعترفون بأنهم لصوص وسارقون وحرامية.
وقد اعترفت المعارضة السورية سهير الأتاسي، بعد انكشاف سرقتها لمبلغ 20 مليون دولار من المساعدات المقدمة للاجئين السوريين، أنها ليست الوحيدة التي احتفظت لنفسها بهذه الأموال، بل كل أعضاء "الائتلاف الوطني السوري المعارض" نالوا أموالاً طائلة من الدول الأوروبية والسعودية وقطر والإمارات، ولم يصل شيئاً من تلك الأموال للتنظيمات المعارضة داخل سورية، ولا حتى للاجئين السوريين في الخارج.
وأكدت الأتاسي أن برهان غليون؛ رئيس "الائتلاف" السابق لم يترشح لرئاسة "الائتلاف" مجدداً نظراً إلى أنه لم يستطع منع أعضاء "الائتلاف" من سرقة الأموال التي تدفقت بعشرات وربما بمئات ملايين الدولارات.. وقالت: إذا كانوا يريدون (تقصد زملاءها بالائتلاف) التركيز على ما قامت به سهير الأتاسي، فإن لديها وثائق تثبت ما قام به أعضاء "الائتلاف جميعاً"، وإن سهير الأتاسي صرفت 70 مليون دولار على اللاجئين، إلا أنه حصل خطأ في التسجيل فاختفى مبلغ 20 مليون دولار، وهي ليست مسؤولة عن ذلك، وكل ما فعلته (ببساطة) أنها اشترت عقاراً في واشنطن يتألف من مبنى سكني وقطعة أرض مساحتها 10 آلاف متر مربع، وتبلغ قيمته 12 مليون دولار فقط لا غير.
وقد هددت سهير الأتاسي، بفضح ما قام به أعضاء "الائتلاف المعارض" من سرقات مالية على صفحات التواصل الاجتماعي، وقالت: كان بمقدورنا تحقيق خطوات كبيرة ضد نظام الأسد لولا هدر مئات ملايين الدولارات في جيوب أعضاء "الائتلاف المعارض"، الذين وصل عددهم إلى مئة شخص بدون سبب أو لزوم لهذا العدد.
هذا النموذج من المعارضات السورية المتمثل بما يسمى "الائتلاف الوطني"، مثله في المعارضات الأخرى، خصوصاً على مستوى المجموعات الإرهابية بمختلف تسمياتها، ومنهم ما يطلق عليه أميركياً "المعارضة المعتدلة"، الذين تتكشف يومياً مدى ارتباطاتهم بالدوائر الصهيونية والأميركية والمستعربة..
وللبحث صلة..