انطلقت عام 2004 "​المعاينة الميكانيكية​" للسيارات والاليات في لبنان. في الشكل تظهر ضرورة هذا المشروع، أما في المضمون فقد ظهر خلال تجربة الاعوام السابقة ان "المعاينة" هي باب من ابواب الهدر والفساد وسرقة المواطنين.

حان موعد مناقصة "الميكانيك" فأصرت وزارة الداخلية والبلديات على ان تتولى ​هيئة ادارة السير​ اجراء المناقصة. رفض مجلس الوزراء وطلب من هيئة ادارة المناقصات اجراءها، ولكن اصرار وزارة الداخلية جعلها تعين مندوبين لهيئة ادارة السير داخل لجنة التلزيم التي يرأسها جان بيار باسيلي.

بعد ان تم تعديل دفتر الشروط عشرات المرات، دون موافقة مجلس الوزراء، تقدمت 6 شركات الى مناقصة "الميكانيك"، فتم استبعاد 2 بسبب الامور الادارية، واحدة منهما عادت الى المناقصة بعد قرار من مجلس شورى الدولة، فأصبح العدد 5 شركات تقدمت بعروضها للفوز بالمناقصة.

سميت اللجنة الفنية المعنية بفض العروض، بأكثرية اعضائها من قبل هيئة ادارة السير، وضمت اسماء لا خبرة فنية لها ومن ضمنهم قاض، هنا كانت بداية الخطأ، تقول المصادر الخاصة بـ"النشرة". وتضيف: "يوم الخميس الماضي استدعت اللجنة الفنية المكلّفة تنفيذ المناقصة، الشركات الخمس لاعلان النتائج". وهنا تشير المصادر الخاصة بـ"النشرة" الى ان رئيس اللجنة قدم النتيجة على الشكل التالي: "شركتان تأهلّتا الى المرحلة النهائية و3 شركات تم استبعادها". تفاجأ المشاركون بالامر وطلبوا استيضاحات، فالعروض لم تُفَضّ بحضور ممثلي الشركات، ولم تعلن الأرقام ولم تُكشف أسباب استبعاد شركات معيّنة وبقاء شركات أخرى، ولكن الجواب الرسمي كان "بأن من لديه أيّ اعتراض فليتقدّم بشكوى". وبالفعل، رفعت القضية الى مجلس الشورى الذي اتخذ قرارا بالابقاء على اللجنة والقاضي دون تغيير ورفض الدعوى بالتالي.

وعلمت "النشرة" ان الشركتين اللتين تأهلتا للمرحلة النهائية قد نسقتا كل الاسعار بحيث تكون واحدة منهما أغلى من الثانية بنسبة قليلة. وتشير المصادر الى ان الشركة الفائزة تعود لشخص من عائلة بيروتيّة معروفة، وهو قد تقدم للمناقصة تحت اسم شركة سويسريّة، مع الاشارة الى ان الفائز بمناقصة المعاينة الميكانيكية هو نفسه من فاز بمناقصة دفاتر السَوْق، ويحكى عن حصوله على مشروع اخراجات القيد ايضا بالتراضي. أما الطامة الكبرى فتكمن بأن الشركة الثانية التي تأهلت هي نفسها الشركة المشرفة على العقد الحالي والتي ساهمت بوضع دفتر الشروط، وبالتالي هي غير مخولة حسب القانون ان تشارك في المناقصة.

وتَكشِف المصادر ان السعر النهائي للشركة الفائزة هو 44 مليون دولار اميركي. وهنا لا بدّ من بعض الشرح: "ان هذا المبلغ هو الحصيلة النهائية التي يتوقع ان تجنيها الشركة خلال عام من مصلحة الميكانيك، ستدفع قسما منها للدولة التي تحصل على رسم ثابت عن كل آلية حسب نوعها، مع الاشارة الى ان المبلغ الذي تنتجه حاليًّا هذه المصلحة لا يتعدّى عشرين مليون دولار، ما يعني ان الرسوم التي سيدفعها المواطن سترتفع، مع وجود بعض الإشارات التي توحي بأن "المعاينة" ستصبح مرّتين سنويا".

تلفت المصادر النظر الى أن من المعيب إدارة أمور الدولة اللبنانية بهذا الشكل، خصوصا بظل وجود شركات عالمية قد تقدّمت للمناقصة، فوجدت ان "الفساد" ينخر بُنْيان وأسس الدولة.

وحتى الساعة لم تظهر الأرقام التي سيتكبّدها المواطن اللبناني جرّاء الفساد والصفقات والسمسرات، ولم تُكشف ارقام الشركات الخاسرة التي هي بحسب المصادر اقل بكثير من اسعار الشركة الرابحة.

تدور الشُبُهات حول مناقصة "الميكانيك" هذا العام، ما يفتح الباب امام دعاوى ستقدم من الشركات التي أقصيت، فهل ينظر القضاء في هذه الدعاوى أم يضعها في ادراجه التي أكلها الغبار، ويبقى ملف الميكانيك من الملفات "المشبوهة" التي يدفع المواطن اللبناني ثمنا سنويا لها؟