تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بعد أيام قليلة من ذكرى عيد الجيش، من توجيه ضربة قاسية لتنظيم "داعش" في بلدة عرسال اللبنانية. عملية نوعية في منطقة وادي عطا أسفرت عن توقيف لبناني يدعى طارق الفليطي، وسوريين اثنين، وقتل اللبناني سامح البريدي، متأثرًا بجراح أصيب بها خلال محاولته الهروب من قبضة عناصر الجيش.
قياديان كبيران في تنظيم داعش، هما حصيلة العملية النوعية للجيش يوم أمس، فالفليطي والبريدي ليسا ارهابيين عاديين، فتاريخهما يشهد لهما بالاجرام والقتل والإغتيال، تقول مصادر خاصة لـ"النشرة". وفي التفاصيل تقول مصادر مطلعة: "بعد عملية متقنة من الرصد والمتابعة تم تحديد مكان تواجد الارهابيين، فقام عناصر الجيش بالتسلل والاطباق عليهم، وحاول توقيفهم أحياء، ولكن الارهابيين رفضوا الامتثال لأوامر القوة المهاجمة واشتبكوا معها، ما أسفر عن توقيف ثلاثة وقتل سامح البريدي بعد اصابته وعدم النجاح بالسيطرة على النزيف".
وتكشف المصادر ان سامح البريدي هو من القياديين الخطيرين في "داعش" وهو مسؤول عن عمليات إطلاق الصواريخ على الهرمل، واقتحام مراكز قوى الأمن الداخلي في عرسال عام 2014 والمشاركة بعملية خطف الجنود، وهو تولى عملية الاشراف المباشر على استهداف الجيش اللبناني بالعبوات الناسفة ومنها عبوة آذار التي أدت لاستشهاد جندي وجرح ثلاثة آخرين في وادي عطا. كذلك تكشف المصادر ان البريدي شارك سابقا في عملية قتل الشبان الاربعة في وادي رافق عام 2013، مما كاد حينها ان يشعل البقاع بأكمله. أما بالنسبة للموقوف طارق الفليطي، فهو شقيق زوجة الشهيد في الجيش اللبناني علي البزال، رنا الفليطي، وهو من حرض على اعدام البزال، وهو من قتل قتيبة الحجيري في عرسال بعد ان اتهمه بالتعاون مع الاجهزة الامنية اللبنانية، وتشير المصادر الى ان الفليطي قد عاد من الجرود حديثاً بتكليف من قيادة داعش للقيام بعمليات أمنية داخل عرسال. وتكشف المعلومات ان الفليطي والبريدي كانا يعملان على تنفيذ مخططات الخطف والاغتيال في عرسال، وتحديدا رئيس البلدية باسل الحجيري، وان البريدي كان يعمل بناء لتوجيهات من زعيم تنظيم داعش بالرقة، مع الاشارة الى ان قيادة الجيش اللبناني لم تتأكد من صحة هذا الامر حتى الساعة.
ويرى العميد المتقاعد والمحلل العسكري أمين حطيط أن عملية الجيش اللبناني تدل على ذكاء لدى القيادة وخصوصا لناحية اختيار التوقيت، مشيرا الى ان التوقيت شمل 4 عناصر هامة، وهي أولا حدوث العملية بعد ايام من عيد الجيش وهذا يؤكد ان الجيش ماض قدما في مهامه العملانية، وثانيا تزامن العملية مع ذكرى "قتل العسكريين" في 2 آب، ما يشكل تحذيرا لمن يعنيه الامر بأن الجيش لا ينسى دماء شهدائه، وثالثا ان العملية تمت في وقت يجلس فيه السياسيون اللبنانيون على طاولة الحوار، ما وجه رسالة للسياسيين بأن الجيش مستعد للقيام بمهامه وهو بحاجة للدعم والتسليح، ورابعا واخيرا ربطا بالمسألة الاقليمية وما يجري في سوريا من تبدلات استراتيجية.
اما من حيث طبيعة العملية، فيرفض حطيط تسميتها بالعملية الاستباقية، معتبرا انها عملية عسكرية ضمن سياق عمليات التعقب والملاحقة، فالهدف واضح. ويضيف: "ان عمل الجيش مستمر وهو لا يقوم بردات فعل بل يمتلك المبادرة للقيام بعمليات تزرع الخوف في نفوس الارهابيين وتشعرهم بعدم الطمأنينة". ويقول حطيط: "من حيث النتائج فلا شك بان العملية قد حققت نتائج هامة معنوية ومادية، فهي على الصعيد الجنائي والقضائي قد أدت لتوقيف ارهابيين خطرين، وعلى الصعيد المعنوي فهي ساهمت برفع معنويات الجنود واللبنانيين"، داعيا الى تحرير يد الجيش ورفع التدخل السياسي عنه للقيام بواجباته.
تؤكد المصادر ان الجيش لا ينسى الدماء، وهو أمين على الشهداء، وأن كل مجموعة ارهابية اعتدت على الجيش وعلى الاراضي اللبنانية ستكون هدفا أكيدا لجنود الجيش اللبناني، فلا نقاط مقفلة أمامهم، وعلى الارهابيين ان يتحسسوا رؤوسهم.
استطاع مدير المخابرات العميد الركن كميل ضاهر تحويل مديريته الى خلية نحل تعمل دون كلل لتحقيق الانجازات الأمنية، ولم تكن عملية عرسال أمس أول هذه الانجازات ولن تكون آخرها، فالخطر الارهابي في عرسال لم ينته بسبب وجود عناصر قيادية سورية لتنظيم داعش فيها، فهل تُطلق يد الجيش للقضاء على الارهاب، أم ان السياسة وموقع قيادة الجيش سيلعبان دورا في تحديد المهام العسكرية مستقبلا؟