يتعرض محافظ بيروت القاضي زياد شبيب في هذه الأيام لحملة إعلامية وسياسية قد تكون الأعنف منذ تعيينه. حملة شعاراتها مالية وتهمها تتركز على صرف أموال تحت عنوان "مصاريف مكتب باهظة مقارنة مع مصاريف غيره من المحافظين الذين سبقوه"، أما خلفياتها فترتبط مباشرة بقضية اقفال مسلخ بيروت لا أكثر ولا أقل. وفي هذا السياق، يروي المتابعون أن شبيب الذي أقفل المسلخ في تشرين الثاني من العام 2014 سبق بخطوته هذه وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي كان يقطف في حينها الثمار الإعلامية لكل عملية إقفال يقوم بها ضمن حملة سلامة الغذاء. عدم قدرة أبو فاعور من إستثمار إقفال المسلخ البيروتي، دفع بالحزب التقدمي الإشتراكي الى شنّ هجوم إعلامي من العيار الثقيل على محافظ بيروت.
هجوم رفع سقف مطالبه اليوم الى الإصرار على إعادة فتح المسلخ البيروتي بعد إنتهاء أعمال تأهيله، كل ذلك قبل أن يحصل شبيب على إجابات مكتوبة من وزارات الصحة والزراعة والبيئة على طلبه الذي يعود تاريخه شهراً الى الوراء، وفيه نصّ صريح وواضح عن ضرورة تعيين من يلزم من قبل هذه الوزارات لإجراء الكشف المطلوب على المسلخ المؤهل والتأكيد ما إذا أصبح مطابقاً للمواصفات أم لا. وفي المعلومات هناك أكثر من عامل سياسي وراء إصرار الحزب التقدمي الإشتراكي على ضرورة اعادة فتح المسلخ، ومن هذه الأسباب رفض النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان التام، لمشروع نقل المسلخ من منطقة الكرنتينا المواجهة من ناحية البحر للأشرفية، الى الشويفات، وتحديداً الى العقار الذي إشترته بلديّة بيروت لهذه الغاية.
سبب جنبلاطي آخر للإصرار على إعادة فتح المسلخ، يتعلّق بمن يعرفون بـ"عرب المسلخ"، الذين يشكلون أكثريّة ساحقة بين العاملين في المسلخ البيروتي وهم اليوم من أكثر المتضررين من إقفاله. فهؤلاء هم من أبناء الطائفة السنيّة، وهؤلاء لطالما كانوا في الفترات السابقة من أكثر الموالين للزعيم الدرزي، كل ذلك قبل أن تأتي قضية إقفال المسلخ لتزرع فيهم النقمة على الحزب الإشتراكي وزعيمه الذي يرفع بنظرهم "شعارات شعبويّة ومطلبيّة ولا يطبّق شيئاً منها". نقمة عرب المسلخ على جنبلاط، سببها إتهامهم أولاً حملة سلامة الغذاء الذي يقودها أبو فاعور بدفع المحافظ شبيب الى إتخاذ قرار اقفال المسلخ الّذي أقفل معه باب رزقهم ومصدر معيشتهم الأوّل والأخير منذ عشرات السنين، وثانياً قيادة الحزب الإشتراكي بعدم الوقوف الى جانبهم للضغط على المحافظ وجميع المعارضين لإعادة فتح المسلخ من جديد. نقمة، نجحت في جرّ الحزب الإشتراكي الى لعبة الضغط على المحافظ ومحاولة إستعادة العلاقة الطيبة بين الزعيم الدرزي و"عرب المسلخ" خصوصاً أن الناقمين هم من سُنّة بيروت ومسجّلون على لوائح شطبها، وهذا ما يعني كثيراً في الميزان الإنتخابي الإشتراكي.
على هامش هذه الحملة الإشتراكية على شبيب، هناك حملة شبيهة ضدّه يقودها أحد الإعلاميين، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن الأخير هو من "عرب المسلخ"، ولديه عدد كبير من أقربائه وأصدقائه، من بين الذين تضرّروا من عمليّة الإقفال، أضف الى أن هذا الاعلامي سُني محسوب على فريق 8 آذار، وإذا تمكن من هذه الحملة أن يصنع لنفسه حيثيّة سُنيّة في شارِعِهِ معارضة لتيار المستقبل، فهذا يعني الكثير بالنسبة اليه ولفريقه السياسي.
ولأنّ شبيب يدرك خلفيات هذه الحملة، لمْ ولن يرد على ما يعتبره "إتهامات في غير محلها"، تقول أوساطه.
في المحصّلة، المسلخ البيروتي مقفل، وإعادة فتحه تتطلب أكثر من قرار يصدره المحافظ، كيف لا بعدما دخل بازارات السياسة، وبعد تشكيل جبهة سياسية مسيحيّة تعارض فتحه.