وفق تكتيك عسكري لافت، وجّه الجيش السوري ضربة قاسية لمسلحي "جيش الفتح" في ريف اللاذقية الشمالي، فيما الأنظار تتركز على جبهات حلب، مستغلاً سحب أعداد كبيرة من قادته ومسلحيه من مواقعهم باتجاه المدينة الاستراتيجية الشمالية، ليبدأ بتنفيذ عمليات عسكرية مباغتة أفضت إلى استعادة بلدة كنسبا الاستراتيجية ومناطق أخرى أوصلت وحداته إلى مشارف ريف إدلب.. العمليات الفجائية التي وصفها ضابط الاستخبارات الأميركي السابق جيفري وايت بـ"الهامة واللافتة"، معتبراً أنها ترتبط بما جهّزته دمشق وحلفاؤها للجولة المقبلة في حلب، عبر خطة غير تقليدية تمّت دراستها بإتقان، تزامنت مع تسريب معلومات صحفية روسية وُصفت بـ"الموثوقة"، كشفت عن مؤشرات "زلزال" وشيك سيهز دعائم "جيش الفتح"، وركيزته "جبهة النصرة"، في أبرز وأهمّ معاقله إدلب.
وفي وقت نُقل عن أحد الدبلوماسيين في سلطنة عُمان إشارته إلى عبور رسالة إيرانية إلى صقور النظام السعودي مفادها أن طهران لن تسمح لهذا النظام بتحقيق أهدافه في سورية، وفي حلب تحديداً، مهما كلّف الثمن، كاشفاً أن الزيارة المفاجئة التي قادت رئيس هيئة الأركان الأميركية جوزيف دانفورد إلى أنقرة في الأول من الجاري، خُصِّصت لهدف فك الطوق عن مسلحي أحياء حلب الشرقية، وتحديد "ساعة صفر" انطلاق الهجمات المسلحة العنيفة باتجاه مواقع الجيش السوري وحلفائه التي أدارتها أنقرة بالاشتراك مع الإستخبارات الأميركية بشكل مباشر، اعتبر الرئيس السابق للمخابرات البريطانية الخارجية "M16"؛ ريتشارد ديرلون، أن نتيجة تلك الهجمات لم تأتِ على قدر الجهوزية الفائقة التي بدأ التحضير لها منذ ما قبل إحكام الجيش السوري وحلفائه الطوق على مسلحي المدينة، خصوصاً أن السعودية دعمت جبهات مقاتلي "جيش الفتح" بشكل هائل، من خلال تأمين شحنات من الأسلحة النوعية لقادته، وعبر تدخُّل مباشر من ولي ولي العهد محمد بن سلمان.
ورغم أن أنقرة زجّت في المعارك أكثر من 250 دبابة وصواريخ حرارية، بمساعدة إحداثيات الأقمار الصناعية الأميركية، عدا عن تجهيز فرَق كاملة من الانغماسيين الشيشانيين والإيغور الصينيين، حيث تمّ دفعهم باتجاه جبهات حلب عبر معبر باب السلامة، لفت ديرلون إلى أن جُلّ ما أفضت إليه كل تلك الجهوزية تمثّل في فتح ممرّ ضيّق وغير آمن يخضع بطبيعة الحال لسيطرة القوات السورية النارية، متوقفاً عند "الدفاع الشرس" الذي أبدته هذه القوات مع حلفائها في صدّ أعنف الهجمات المسلَّحة على الإطلاق، من دون إغفال التكتيك اللافت في توقيته الذي اعتمدته عبر الانكفاء عن أسوار الكليات العسكرية، و"تجميع" آلاف المسلّحين بداخلها، ليبدأ سريعاً دور الضربات الجوية التي سحقت أعداداً ضخمة منهم، ما تزال جثثهم تحت الأنقاض حتى الآن.
واستناداً إلى معلومات استخبارية روسية، أماط تقرير لصحيفة "ترود" الروسية اللثام عما سمّاه "زلزالاً" وشيكاً سيهز دعائم "جيش الفتح" في أبرز معاقله الشمالية، مرجّحاً أن يأتي الرد على "خرق" حلب من "مكان آخر" مفاجئ، فيما كل الأنظار والتوقّعات العسكرية تشخص حالياً على المدينة الاستراتيجية. التقرير تقاطع مع معلومات المحلّل في موقع صحيفة "ميديا بارت" الفرنسي؛ ايدوي بلينل، حيث نقل عن مصدر وصفه بـ"الرفيع" في جهاز الاستخبارات الفرنسي، إشارته إلى "ما يبدو عمليات عسكرية وشيكة" ستطيح بدعائم "جبهة النصرة"، متوَّجة بتصفية أبرز قادتها؛ السعودي الجنسية عبد الله المحيسني، ربطاً بقرار "كبير" اتخذته دمشق بتشجيع من موسكو وطهران، بعد المناورة الأميركية التي أوعزت من خلالها واشنطن إلى "أمير الجبهة" بإعلان انفصالها عن "القاعدة" وتغيير اسمها قبيل أيام من بدء الهجمات المسلحة الضخمة على القوات السورية، إفساحاً في المجال أمام مقاتليها لتأدية دورها بحُريّة على الأرض، بصفتها فصيلاً معارضاً "معتدلاً". وإذ لفت إلى أن طهران أبلغت موسكو رفضها القاطع المسبق لأي ستاتيكو يُفضي إلى فرض "خطوط تماس" وتثبيته في حلب على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" لصرفها على طاولة التسوية المقبلة، أكّد بلينل أن الجولات القادمة من المعارك لن تخلو من المفاجآت، سيما أن فرَقاً عسكرية نخبوية من القوات السورية وحزب الله التحقت في اليومين الأخيرين بالحشود الضخمة باتجاه حلب، لعل أهمها فرقة "الرضوان" التي دخلت للمرة الأولى إلى حلبة حلب، وتضم نخبة مقاتلي حزب الله، حسبما أكّدت أيضاً وكالة فارس الإيرانية، ما يؤشر إلى الأهمية البالغة التي ستتسم بها المعارك المقبلة.
وتزامناً مع "مؤشرات انقلاب عسكري ثانٍ في تركيا، سيتجاوز بخطورته انقلاب ليل الخامس عشر من تموز الفائت"، وفق ما كشفت معلومات صحفية ألمانية، مؤكدة ما أوردته صحيفة "اندبندنت" البريطانية عبر الكاتب روبرت فيسك، حين لفت إلى أن "انقلاباً عسكرياً ثانياً لم يعد بعيداً سيكون هذه المرة ناجحاً في تركيا"، تنقل المعلومات عن شخصية قيادية لبنانية مقرَّبة من قيادة حزب الله، قولها إن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ليس فقط مطمئناً لجهوزية الجولة المقبلة، إنما سيبدأ قريباً بصياغة خطاب "هام" يتوجّه به إلى جمهوره ربطاً بحدثين استراتيجيين في سورية ولبنان.