وفقاً لدراسة بحثية وإحصائية صدرت في ألمانيا، فإن عدد المقاتلين الأجانب في سورية بلغ بين شهر نيسان 2011 ونهاية العام 2015، 360 ألف مقاتل، أي أنه كان يتوافد إلى سورية ما معدّله شهرياً 6429 إرهابياً أجنبياً، ويضاف بالطبع إلى هؤلاء الإرهابيون السوريون، والإرهابيون الذين ذهبوا من لبنان، والذين يتزايد في الآونة الأخيرة قتلاهم، بحيث لم يعد يمرّ أسبوع دون أن نسمع عن قتيل أو اثنين.
وإذا اعتبرنا أنه في العام 2016 بدأ تراجُع دخول الإرهابيين، ليستقرّ على 5 آلاف فقط شهرياً، فإنه يكون قد دخل حتى نهاية شهر آب من هذا العالم نحو أربعين ألفاً، أي ما مجموعة 400 ألف إرهابي منذ بداية المؤامرة الكبرى على سورية.
بأي حال، فإن هذه الدراسة التي تشير إلى أن الإرهابيين الأجانب جاءوا بالتناوب، بمعنى أنهم لم يجتمعوا دفعة واحدة، فإنهم حالياً في سورية بحدود 90 ألف إرهابي، عدا السوريين واللبنانيين، علماً أن الدراسة تشير إلى مقتل أكثر من 95 ألف إرهابي حتى نهاية 2015، ما يعني أن عدد قتلى الإرهابيين الأجانب حتى هذا الشهر يحتمل أن يكون قد زاد عن 105 آلاف قتيل.
أما خارطة الإرهابيين فتتوزع على مختلف أنحاء العالم، فمن أوروبا والولايات المتحدة فاق عدد الإرهابيين الوافدين إلى سورية الـ22 ألف إرهابي، كانت تقدَّم لهم في البداية كل التسهيلات والدعاية اللازمة، وقادت هذه الحملة وزيرة الخارجية الأميركية والمرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، من خلال ما يسمى مؤتمرات "أصدقاء سورية"، حيث كانت تعمل كوسيطة لترويج الإرهاب المنظَّم ضد دولة هي عضو في الأمم المتحدة، وكقائدة وموجِّهة لمجاميع الإرهاب، لدرجة أنها اعترفت بأن الأميركيين هم من "أسّسوا داعش"، بما يذكّرنا فعلاً بعصابات "الكونترا" ضد الحكم الوطني التقدمي في نيكاراغوا، ما أدى إلى وقوع أكثر من 80 ألف ضحية من مواطني نيكاراغوا، وقد عُرضت هذه القضية أمام محكمة العدل الدولية عام 1986، فأقرّت بجرائم الولايات المتحدة، وبخرقها للقانون الدولي وتفخيخها للموانئ ودعمها العصابات الإرهابية المسلَّحة ضد الحكومة الوطنية النيكاراغوية، وأقرّت المحكمة بأن واشنطن استخدمت القوة غير الشرعية، وحكمت لصالح نيكاراغوا، لكن الولايات المتحدة بقيادة رونالد ريغن رفضت الحكم، ولم تمتثل للشرعية والمحاكم الدولية.
ويأتي في مقدمة أعداد الإرهابيين، وفق خريطة البلدان التي جاءوا منها إلى سورية، تركيا التي احتلت المرتبة الأولى بعدد المقاتلين الإجمالي، ويشمل ذلك عناصر وضبّاطاً من الجيش والمخابرات التركية، ومنظمة "الذئاب الرمادية"، ومن التركمان السوريين والأتراك يقاتلون مع "جبهة النصرة"، أو شكّلوا تنظيمات مستقلة يقاتلون فيها كمقاتلين قادة أو أساسيين، مثل "كتائب تركمان سورية"، وقد قُتل من الجيش التركي أكثر من 350 ضابطاً وطياراً عدا الآلاف من العناصر، وقد عُزيت أسباب وفاة بعضهم إلى أمور أخرى في وسائل الإعلام التركية.
أما العدد الأكبر من القتلى الإرهابيين فهو من الجنسية السعودية، حيث بلغ نحو ستة آلاف قتيل، من أصل نحو 25 ألف إرهابي سعودي.
وإذا كانت هذه الدراسة البحثية الإحصائية قد أشارت إلى صرف أكثر من 45 مليار دولار حتى نهاية عام 2015، لتمويل الأعمال الإرهابية في سورية، لكن الوقائع تشير إلى عشرة أضعاف هذا المبلغ، ويكفي أن نشير إلى أمير قطر السابق ووالد الأمير الحالي، الذي أشار مع بداية الحرب الكونية على سورية إلى رصد مئة مليار دولار ضد الدولة الوطنية السورية.
بالإضافة إلى أكثر من مئة مليار دولار من السعودية، ناهيك عن حملات "التبرُّع" الواسعة التي كان يقودها رجال أعمال وأثرياء من "الوهابية" السعودية، وما زالوا على نفس المنوال، علماً أن هذا الإرهاب بدأ يرتدّ إلى داخل مملكة الكاز الكبرى بشكل منظَّم؛ في إطار الصراع المحتدم على السلطة بين ولي العهد محمد بن نايف وولي وولي العهد محمد بن سلمان، حيث هذا الأخير يتلقى الهزائم الكبرى في اليمن والعراق وليبيا، بالإضافة طبعاً إلى سورية، ما جعله يردّ بشكل مختلف في الداخل السعودي، من خلال أعمال إرهابية متنوّعة، سواء من خلال فاجعتي الحج في العام المنصرم، أو التفجيرات الإرهابية في المنطقة الشرقية أو المدينة المنورة.. والحبل على الجرار، وكل ذلك من أجل أن يصوّر أن المسؤول عن الأمن الداخلي السعودي وهو محمد بن نايف عاجز عن مواجهة الإرهاب، وهو وحده القادر على ضبط الخلايا الإرهابية، سواء النشيطة أو النائمة، أو العائدة إلى البلاد من ليبيا وسورية والعراق.. ما يعني أننا سنكون أمام موجات إرهابية متصاعدة في أكثر من مكان، سواء في الداخل السعودي أو خارجه، ريثما يتضح أفق الصراع على السلطة، خصوصاً أن الملك عليل جداً.
وبقي للبحث صلة في حلقة أخيرة